بالإضافة إلى الطرق المجعولة، ففي هذه الصورة لا يرى العقل معذورية به، مع أنه في فرض تحصله بتقصير منه العقل يلزمه بالموافقة، فكان المقام من قبيل إلقاء النفس من الشاهق من كونه معاقبا بتقصيره السابق وإن لم يكن فعلا قادرا على مخالفة أمره وجدانا، أو بالتزام من عقله على خلافه بلا التفات منه إليه فعلا.
وحينئذ صح دعوى عدم حجية قطعه في حقه بالمعنى المزبور.
وربما أمكن إرجاع جملة من كلمات الأخباريين إلى ذلك.
ويمكن أيضا حمل كلمات جملة منهم إلى منع مرجعية صور البراهين بملاحظة كثرة المغالطات الحاصلة منها بحيث لو [حصل] منها قطع أحيانا ربما يزول بتجديد النظر فيها.
ويمكن إرجاعها إلى منع القطع بالحكم العقلي بقاعدة الملازمة، بل يحتاج في كشف الأمر إلى دلالة ولي الله.
وأردأ الوجوه حمل كلماتهم إلى نفي وجوب الموافقة بدعوى تعليقية حكم العقل.
وبالجملة لا بد من توجيه كلمات الأخباريين في منع مرجعية القطع الحاصل من المقدمات [العقلية] بأحد التوجيهات السابقة، كما هو الشأن في من التزم بعدم حجية قطع القطاع. وإلا فهم أجل شأنا من أن يلتزموا بعدم وجوب موافقة القطع المزبور مع فرض تنجزية حكم العقل به، لانتهاء الترخيص على خلافه إلى الترخيص في المعصية وترك الطاعة الذي لا يلتزم بمثله ذو مسكة، والنفس لا ترضى بنسبة هذا الكلام إلى مثل هؤلاء الأجلاء البارعين في فنونهم.
بقي في المقام خاتمة للمرام، وهو أن فهم العقل عند قيام الطريق على التكليف ليس إلا لزوم الموافقة عملا، بلا التزامه بلزوم الالتزام بشخص الحكم الصادر، وجوبا كان أو غيره. نعم، غاية ما يلزم تبعا لتصديق أولياء النعم والشكر لهم الالتزام بما جاؤوا به، وهو غير الالتزام بكل حكم شخصي شخصي.