[الاستدلال على البراءة من غير الكتاب والسنة]:
ثم إنه قد يستدل عقلا للقول بالبراءة ب " قاعدة قبح العقاب بلا بيان "، وفي قباله توهم [معارضتها] بقاعدة " دفع الضرر المحتمل "، بل ورود الثانية على الأولى، [لكونها] بيانا رافعا لموضوع القبح المزبور.
ولا يخفى ما في الأخير، إذ [بيانيتها منوطة] بتطبيق حكمه بوجوب الدفع، وهو فرع وجود موضوعه [في] الخارج، إذ يستحيل مجئ الموضوع من قبل حكمه. وحينئذ لا مجال لاحتمال الضرر من قبل هذا الوجوب، والمفروض عدم بيان آخر غيره، وحينئذ لا يبقى مجال لاحتمال الضرر، إلا احتماله في ظرف [اللا بيان] وبديهي أن هذا الاحتمال منفي بقاعدة القبح [فتكون] قاعدة القبح [واردة] على [الثانية] لا العكس.
نعم الذي يسهل الخطب أن قاعدة القبح بكبراها مسلمة عند الطائفتين، وإنما نزاعهما في صغراها. وبديهي أن في مورد البحث في الصغرى لا مجال للتشبث بالكبرى، إذ للأخباري أن يدعي بيانية أدلة الاحتياط من [الأخبار وغيرها]، فعلى القائل بالبراءة دفع هذه الجهة، كما لا يخفى.
وقد يتشبث للبراءة - أيضا - بالإجماع. وقيل (1) في دفعه بأنه مع وجود هذا الخلاف العظيم كيف يبقى مجال دعواه؟
ولكن، يمكن أن يقال: إن ما أفيد إنما يتم لو كان وجه حجية الاجماع قاعدة اللطف، وإلا فلو كان المدرك حسن الظن بفتوى أساطين الفن بنحو [تقتضي] العادة مطابقة فتواهم مع رأي رئيسهم، [فليست] دعواه [بعيدة] كل