الدليلين إلى تنافيهما في مرحلة الدلالة ومقام الإثبات، بل ومثل هذا المعنى يناسب لفظ التعارض الوارد في موضوع الأخبار العلاجية المنصرفة [عن] موارد الجمع العرفي، لعدم صدق تنافي الدليلين في مرحلة الإثبات بالنسبة إلى موارد الجمع، بخلاف المعنى السابق، إذ هو صادق على موارد الجمع أيضا، فشرح التعارض بمثله يوجب شموله لموارد الجمع أيضا، فتقع المغايرة بين ذلك العنوان الواقع موضوعا للبحث وبين العنوان الواقع موضوع الأخبار العلاجية.
نعم لازم ذلك كون البحث عن الجمع وتمييز موارده في مثل هذا المبحث من المقاصد، نظير البحث عن التعادل والترجيح. وهذا بخلاف المعنى الأول، إذ البحث عن أحكام الجمع وما يتعلق به في مثل هذا المبحث استطرادي محض، و [لعل] مثل تلك الجهة أيضا دعى الشيخ (قدس سره) (1) في تعريفه عنوان التعارض الواقع في موضوع البحث [إلى] ما أفيد، كي يجمع المسائل الثلاث، ويكون البحث عن كل واحد منها، كما لا يخفى.
ثم إن التعارض بكل واحد من المعنيين لا يكاد يصدق في موارد الورود التي يكون أحد الدليلين نافيا لموضوع الدليل الآخر حقيقة، كما لا يصدق في موارد الحكومة أيضا، إذ بعد كون أحد الدليلين ناظرا إلى شرح غيره فلا يرى العرف تنافيهما حتى بحسب مدلوليهما، بل يرون الحاكم بمنزلة القرائن المتصلة الحاكية - مع ذيها - عن معنى واحد، غاية الأمر لا يقتضي الحاكم عند انفصاله قلب ظهور [المحكوم]، بخلاف القرائن المتصلة، فإنها موجبة لقلب الظهور أيضا، ففي القرائن المتصلة يكون الدال والمدلول واحدا و [تكون] الدلالة على وفق مدلوله، وهذا بخلاف موارد الحكومة، فإن دلالة المحكوم بعدما لم [تنقلب عما