وبعد توضيح المرام في هذا المقام يبقى الكلام في شرح المقام الثاني، فنقول:
[2 - علية العلم الاجمالي للتنجز] أما توهم اقتضاء العلم حتى بالنسبة إلى المخالفة القطعية فهو فرع تعليقية حكم العقل في استقلاله بصيرورة معلومه في عهدة [العبد]. ومرجع ذلك إلى قابلية المحل لترخيص المولى بترك المطلوب المنكشف لدى العبد بتمام الانكشاف، ولازمه جريان هذا المناط في العلم التفصيلي أيضا.
كيف! وبعد ما عرفت أن مناط التحميل في نظر العقل إحراز طبيعة أمر المولى بلا دخل لخصوصية فيه، فلو كان هذا التحميل مشروطا بعدم ترخيص من المولى على الخلاف فيجري هذا المناط في العلم التفصيلي أيضا. ومن البديهي أن العقل يأبى عن ذلك ويرى مثل ذلك ترخيصا في المعصية غير اللائق صدوره من الحكيم.
وبهذه الجهة نقول: إن حكم العقل بوجوب الامتثال في المعلومات التفصيلية تنجيزي غير قابل للترخيص على الخلاف، فلا جرم يجري مناطه في العلوم الإجمالية أيضا، لما عرفت من جريان مناط حكمه - بوجوب الامتثال في العلوم التفصيلية - في الإجمالية أيضا بشهادة أن ما هو المناط في التحميل على العبيد هو طبيعة أمره لا خصوصيته، وفي هذه الجهة كان العلم التفصيلي والإجمالي سواء.
لا يقال: إنه لا فرق بين العلم التفصيلي والإجمالي في تعليقية الحكم، وإنما الفارق بينهما هو: أن الترخيصات الشرعية الظاهرية غير [المضادة] مع فعلية الخطاب الواقعي - الذي يكون العلم به موضوع البحث في مورد العلم الاجمالي