وبعدما عرفت الجهات المزبورة نقول: إنه قد يستدل للبراءة في الشبهات الحكمية، من الكتاب بآيات منها:
آية عدم التكليف إلا بما آتاها (1).
والظاهر أن المراد من [الإيتاء] هو الاعطاء، وأن إعطاء كل شئ بحسبه.
ففي التكاليف إعطاؤه بإعلامه، كما يشهد [له] التعبير بالأخذ [المقابل] للاعطاء بقوله: " آخذ معالم ديني " (2).
كما أن الظاهر من إعلامه إبلاغه بخطابه محضا. وأما صورة عدم وصول الخطاب الصادر إلى المكلفين لظلم الظالمين بلا قصور في إبلاغه بخطابه، فغير [مشمولة] للآية الشريفة.
وحينئذ، لو كان المراد من التكليف التكاليف الواقعية فغاية ما يستفاد من الآية أن التكاليف الواقعية وجودها في الواقع توأم مع الخطاب بها، ولازمه أنه مع عدم الخطاب واقعا لا يكون جعل تكليف واقعا، بل كان مما سكت الله عنه [و] لم يسكت [عنه] نسيانا. وهذه الجهة أجنبية عن محط البحث.
وإن كان المراد من التكليف [التكاليف الطرقية] المجعولة في ظرف الجهل بالخطاب فغاية ما يستفاد منها أنه: لو كان تكليف طريقي لا بد من إبلاغه إلى المكلف بخطابه - ولو في ظرف الجهل بالخطاب المتعلق بالواقع (3) - ولو بألف واسطة. ولازمه أنه مع عدم وصول خطاب طريقي حافظ للواقع - ولو