ثم في ضمان الطرف لقدر غيره مع عدم إقدامه على كسر القدر إشكال: من عدم المقتضي لضمانه من جهة عدم اتلافه وعدم أمر الغير بإتلافه، و [من] كون المال محترما. ومجرد وجوب اتلافه لا يوجب ولا يقتضي رفع احترامه.
ولكن لا يخفى أن مجرد احترام المال لا يوجب ضمان الغير إلا في فرض أمره.
اللهم إلا أن يقال: إن أمر الشارع بالإتلاف إحسانا بالنفس يوجب الضمان على من أحسن له، كما هو الشأن في صورة الإشباع في المخمصة. وحينئذ ففي كون الضمان على المالك لو كان النفس مملوكا أو على رقبة العبد يتبع به بعد عتقه أو على بيت المال، وجوه: خيرها أوسطها، إذ الأمر المزبور ليس تعبديا محضا كي يقتضي كون الضمان على الشارع الراجع إلى بيت المال، بل هو لمحض الإحسان على النفس، وفي ذلك الإحسان لم [تنظر] جهة المملوكية كي يكون احسانا على مالك العبد فيضمن له، بل تمام النظر إلى حفظ النفس المحترمة، [و] لا يكون من أحسن له إلا العبد فيضمن، ويكون على رقبته يتبع به بعد عتقه. كما هو الشأن في الإشباع في المخمصة أيضا.
نعم لو لم تكن في النفس رقبة كالحيوانات لا يبعد الضمان على مالكها، لصدق الإحسان في حقهم تبعا. ولو لم يكن له مالك، فلا محيص من كون الضمان في بيت المال.
وتوهم عدم الضمان حينئذ رأسا ممنوع بعد فرض احترام المال وتسبيب الإتلاف ولو بالأمر من قبل الغير ولو كان شارعا، كما لا يخفى.
ومنها: ما في جملة [من] كلماتهم من تطبيق العام المزبور على جملة من المقدمات الضررية كشراء الزاد بأكثر من ثمن مثله في باب الحج، وشراء الماء كذلك في باب الوضوء، وجواز ارتكاب المحرم من مثل الرجوع إلى حاكم الجور