من الحكم بالتخيير في أخذ كل واحد حذرا عن الترجيح بلا مرجح. وذلك أيضا بعد الجزم بعدم انتهاء أمر المقام إلى التوقف والتساقط في المدلول المطابقي كي يبقى المقلد بلا طريق إلى الواقعيات.
وتوهم أن ما هو حجة هو بقاء الرأي المتقدم في حق الميت فلا يبقى مجال احتمال تعيين البقاء على تقليد الميت إلا بدخل حدوثه في زمان بقاء حجيته إلى الأبد ولقد عرفت بطلانه أيضا بشهادة ما ذكرنا من الفروض، مدفوع بأن قيام الاجماع على عدم جواز البقاء على التقليد في الفروض المتقدمة إنما هو لصدق زوال الرأي حقيقة ودقة. وهذا بخلاف باب الموت، إذ لا مجال لارتفاعه دقة حتى لو كان في هذه النشأة ظنيا، وإنما العرف لقصور أنظارهم عن عالم المجردات والنفوس حاكمين بالارتفاع، فشمول معاقد الاجماعات لمثل ذلك الارتفاع العرفي محل نظر.
فحينئذ لولا الاستصحاب السابق كان لاحتمال تعيين البقاء على تقليد الميت مجال، ومع ذلك الاحتمال لا مجال لترجيح خصوص الحي.
ثم إن ذلك كله لو قلنا بكون التخيير في الأخذ بأحد المتساويين بدويا أو كان الميت أعلم من الحي، وإلا فلا مجال لاحتمال تعيين البقاء على تقليد الميت، بل يجب الاقتصار على الحي لكونه متيقن الحجية والشك في حجية غيره، وفي مثل تلك الصورة لا يبقى مجال تعيين الأخذ بأحوط القولين أيضا، للجزم بالفراغ من العمل على طبق فتوى الحي جزما وإن جاز له العمل على وفق رأي الميت مطلقا إذا كان أحوط. والله العالم بالحقائق.
الحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين المعصومين ولعنة الله على أعدائهم أعداء الله من الآن إلى يوم الدين آمين آمين يا رب العالمين.