علم الأصول لبيان هذه الجهات وتنقيح مبادئ هذه الحيثيات، فحينئذ مسائله قهرا راجعة إلى صنفين:
منها: ما هو مهذب لاستنباط الأحكام الشرعية الواقعية ومنتج للعلم بها بتوسيط قياس واحد أو قياسين أو أزيد، بمعنى جعل [نتيجة] الأول صغرى لقياس آخر منتج للعلم المزبور بلا واسطة قياس آخر كذلك.
ومنها: ما ليس شأنها ذلك بل كانت مما ينتهي إليه المجتهد عند عدم وصوله إلى الواقعيات وحينئذ فجعل الاستصحاب من الصنف الأول أو الثاني مبني على جعله من الأدلة الشرعية أو من الأصول العملية - شرعية محضة أو عقلية - منهية إلى مقدمات الانسداد على الحكومة.
[المراد بوحدة القضية المتيقنة والمشكوكة] ثم إن الظاهر إطباق [الطرق] المختلفة - في شرح الاستصحاب - في لا بدية اتحاد القضية [المتيقنة] مع المشكوكة. وإنما الكلام في المراد من الوحدة المزبورة من أنه مجرد وحدتهما ذاتا وحقيقة وإن [اختلفتا] وجودا ومرتبة، أو وحدتهما وجودا أيضا وإن [اختلفتا] مرتبة، أو وحدتهما مرتبة أيضا.
فإن كان المراد من الوحدة بالمعنى الأخير فيلزم اختلاف زماني اليقين والشك، وينطبق الاستصحاب حينئذ على قاعدة اليقين، وهو باطل بالضرورة.
ولذا أطبقوا في باب الاستصحاب على إلغاء هذا المعنى من الوحدة.
كما أن الوحدة بالمعنى الأول أيضا غير [كافية] في الاستصحاب. كيف!
وإلا يلزم جريان الاستصحاب عند اليقين بوجود فرد والشك في بقاء فرد آخر [من نفس] الحقيقة وهو أيضا باطل بتا.
فلم يبق في البين إلا الوحدة بحسب الحدود الخارجية، ومثل هذا المعنى