المعنى غاية لتنقيح القواعد الممهدة للاستنباط، ولازم ذلك كونه من غايات الأصول، ولذا كان شأن الأصولي تعريفه في ذيل خاتمة العلم والكتاب كما هو دأبهم، ومثل ذلك المعنى جهة مشتركة بين العامة والخاصة الأصوليين منهم والأخباريين، غاية الأمر ربما تختلف أنظارهم في بعض القواعد وحجيتها، مثل اختلاف القدماء في حجية القياس والاستحسان، والمتأخرين في حجية القطع الناشئ عن الاحكام العقلية وتمامية البراءة في الشبهات التحريمية البدوية وأمثالها.
وحينئذ فطعن كل طائفة في اجتهاد [غيرها] في الحقيقة طعن على [نظرها] في اختيار بعض القواعد، نظير طعن القائلين بالظن المطلق من المجتهدين على القائل بالظنون الخاصة وبالعكس، وإلا فلا مجال للطعن في اجتهادهم وإعمال كل طائفة منهم قواعدهم إلا مع تقصيرهم في مقدمات الإعمال من جهة الفحص وأمثالها.
ثم المراد من الاجتهاد هو [الإعمال] الفعلي كما هو الشأن في الفتوى والقضاء وغيرهما من سائر الموارد المحفوظة في ضمن الهيئات المصدرية.
نعم في مشتقاتها الوصفية كالمجتهد والقاضي والمفتي وأمثال ذلك من سائر الأوصاف العرفية إنما اخذ في مفاد هيئاتها نحو توسعة في التلبس الصادق مثل تلك العناوين على من له ملكة هذه المواد وإن لم يكن له فعلية، لصدق المجتهد والتاجر على النائم والغافل وأمثالهما ففي الحقيقة مثل تلك التوسعة من مضامين الهيئة وغير مأخوذة في المادة أصلا.
فشرح الاجتهاد والقضاء بالملكة المزبورة غير [وجيه]، كما يظهر ما ذكرنا [بالتتبع] في أمثال تلك الصيغ من المشتقات والمصادر.
ثم إن الغرض من إعمال القواعد لما كان هو الوصول إلى تحصيل الوظيفة الفعلية العملية فلا يكاد يتوصل إلى مثل هذا الغرض إلا بإعمال كل ما يحتاج إليه