واما إن كانت الحالة السابقة [على] زمان خروج الرطوبة المرددة حالة الحدثية [المعلومة]:
فإن كان الحدث المعلوم هو الأكبر، فلا اشكال في عدم وصول النوبة إلى الاستصحاب الكلي، بل ما لم يصدر منه الفعل كان جاريا لمحدثيته بالحدث الأكبر، ولا يحتمل حينئذ الاجتزاء بموجب الحدث الأصغر أصلا، لأن البول الصادر عن الجنب لا أثر له بالنسبة إلى الصلاة من حيث ايجابه على المكلف شيئا. وحينئذ لا ينتهي الامر في تلك الصورة إلى الشك في بقاء الحدث كي يستصحب.
وأما ان كان الحدث المعلوم هو الأصغر، كما لو رأى الانسان بعد نومه رطوبة مرددة بين المذي والمني، ففي هذه الصورة إن قلنا بعدم التضاد بين الحدثين واجتماعهما في زمان واحد، غاية الامر لا أثر للأصغر حين وجود الأكبر، فلا اشكال أيضا في الاكتفاء بموجب الأصغر، فلا مجال لجريان استصحاب الكلي لأنه من القسم الثالث الراجع إلى الشك في مقارنة فرد إلى المعلوم تفصيلا، وفي مثله لا يكون مشكوك البقاء عين المتيقن الحادث كي يشمله عموم حرمة النقض.
وإن لم نقل بعدم التضاد واحتملناه، فكذلك لا مجال لاستصحاب الكلي، إذ حينئذ وإن كان حين وجود الرطوبة يحصل العلم بالحدث المردد بين الأصغر والأكبر، بمعنى عدم خلوه عن أحدهما بلا علم تفصيلي في البين، ولكن ذلك المقدار لا يكفي في جريان الاستصحاب الكلي في الحدث المردد، لأن مع فرض احتمال اجتماعهما وجودا لم يحرز كون مشكوك البقاء عين ما تيقن [حدوثه] لاحتمال كون المتيقن الحادث غيره، فلا يثمر مثل ذلك في جريان الاستصحاب أيضا. وإنما [المجرى] له خصوص فرض العلم الاجمالي بأحد الحادثين على سبيل منع الخلو والجمع كليهما، وذلك لا يمكن إلا بفرضهما متضادين غير مجتمعين في زمان واحد، وتلك المضادة أيضا تارة في حديهما وأخرى في ذاتيهما: