مسألة التلف بعد العلم. ولازمه حكم العقل بترتب آثار المعلوم على الفرد الباقي تحصيلا للفراغ عما اشتغلت الذمة به سابقا.
واما إن كان التلف سابقا على العلم الاجمالي - وإن كان العلم به بعد حصوله - فمن حين العلم بالتلف السابق يخرج العلم الاجمالي من التأثير، وفي هذه [الصورة] كان بناء العلماء على عدم وجوب الاجتناب من الطرف [الآخر].
ومن مثله ربما يظهر أيضا عدم بنائهم على [استصحاب] بقاء الفرد المردد في البين، كيف وجميع موارد التلف اللاحق كان استصحاب الشخص المردد موجودا، ونتيجته ليس إلا نظير استصحاب الكلي وهي الخروج عما هو معلوم بقاؤه تعبدا المستلزم للاجتناب عن المشكوك والباقي بحكم العقل الحاكم بتحصيل الجزم بالفراغ بالنسبة إلى الأعم من الحكم الواقعي والظاهري.
وبهذا البيان [ترتفع] شبهة عدم الأثر العملي لمثل ذلك الأصل بعدما ثبت كون [الموجود] هو الباقي وبدونه لا يحكم العقل بالاجتناب عنه.
وفساد هذا البيان يظهر بالتأمل فيما ذكرنا.
وحينئذ فليس نظر الأصحاب في عدم الجريان إلى ذلك البيان، بل عمدة نظرهم إلى كون التعبد ببقاء الشئ يحتاج إلى الشك [في] عنوانه الذي يكون بذاك العنوان متعلقا للأثر، كيف ولو تعلق الشك بغيره لما كان [للحكم] ببقائه تعبدا - الراجع إلى ترتب أثره - معنى أصلا.
وحيث كان الأمر كذلك فنقول: إن الشك في بقاء الفرد المردد ما تعلق بعنوان له الأثر، كيف وما هو موضوع الأثر [المردد] بين ما هو مقطوع الزوال أو مقطوع البقاء وبين ما هو مشكوك، ليس إلا بعنوان " ما هو موضوع الأثر " أو " أحدهما " أو غير ذلك من سائر العناوين العرضية أو الذاتية [الخارجة] عن تحت [الأمر] جزما، وفي مثلها لا مجال للتعبد ببقائه.