ومخالفتهم (اشهدوا بأنا مسلمون) أي: مخلصون مقرون بالتوحيد. وقيل:
مستسلمون منقادون لما أتى به النبي والأنبياء من الله. وقيل: مقيمون على الاسلام.
وهذا تأديب من الله لعبده المؤمن، وتعليم له، كيف يفعل عند إعراض المخالف بعد ظهور الحجة، ليعلم المبطل أن مخالفته لا يؤثر في حقه، وليدل على أن الحق يجب اتباعه من غير اعتبار بالقلة والكثرة.
(يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون [65] ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون [66]).
القراءة: قرأ أهل الكوفة: (ها أنتم) بالمد والهمز. وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو بغير مد ولا همز إلا بقدر خروج الألف الساكنة. وقرأ ابن كثير ويعقوب بالهمزة والقصر من غير مد على وزن ها عنتم. وقرأ ابن عامر بالمد دون الهمز.
الحجة: الكلام في المد والهمز كثير، والوجه أن من حقق فعلى الأصل، لأنهما حرفان ها وأنتم. ومن لم يمد ولم يهمز فللتخفيف من غير إخلال.
اللغة: الفرق بين الحجاج والجدال: أن الحجاج يتضمن إما حجة، أو شبهة في صورة الحجة والجدال هو فتل الخصم إلى المذهب بحجة، أو شبهة أو إيهام في الحقيقة، لأن أصله من الجدل وهو شدة الفتل. والحجة في البيان الذي شهد بصحة المقال، وهو والدلالة بمعنى واحد.
الاعراب: (ها أنتم): للتنبيه. وقد كثر التنبيه في هذا، ولم يكثر في ها أنت لأن ذا مبهم من حيث يصلح لكل حاضر، والمعنى فيه واحد بعينه مما يصلح له.
فقوي بالتنبيه لتحريك النفس على طلبه بعينه، وليس كذلك أنت، لأنه لا يصلح لكل حاضر في الجملة. وإنما هو للمخاطب. وخبر (أنتم) يجوز أن يكون (حاججتم) على أن يكون (هؤلاء) عطف بيان. ويجوز أن يكون خبره (هؤلاء) على أن أولاء (1) بمعنى الذين. وما بعده صلة له.
النزول: قال ابن عباس والحسن وقتادة: إن أحبار اليهود، ونصارى نجران،