المؤمنين ليصبروا فيؤجروا، فقال: (لتبلون) أي: لتوقع عليكم المحن. وتلحقكم الشدائد (في أموالكم) بذهابها ونقصانها (و) في (أنفسكم) أيها المؤمنون بالقتل والمصاب، مثل ما نالكم يوم أحد. ويقال بفرض الجهاد وغيره من الفرائض، والقرب التي أمرنا بها. وإنما سماه بلوى مجازا. فإن حقيقة الاختبار والتجربة، لا يجوز على الله، لأنه العالم بالأشياء قبل كونها. لأنما يفعل ذلك ليتميز المحق من المبطل، عن أبي علي الجبائي. (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) يعني اليهود والنصارى (ومن الذين أشركوا) يعني كفار مكة وغيرهم (أذى كثيرا) يعني ما سمعوه من تكذيب النبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، ومن الكلام الذي يغمه (وإن تصبروا وتتقوا) يعني: إن صبرتم على ذلكم، وتمسكتم بالطاعة ولم تجزعوا عنده جزعا يبلغ الإثم (فإن ذلك من عزم الأمور) أي: مما بان رشده وصوابه، ووجب على العاقل العزم عليه. وقيل: من محكم الأمور.
(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون [187]).
القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم: (ليبيننه) بالياء (ولا يكتمونه) بالياء أيضا. والباقون بالتاء فيهما.
الحجة: حجة من قرأ بالتاء قوله: (وإذ أخذ ميثاق النبيين لما آتيتكم).
والاتفاق عليه، وكذلك قوله: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله) وقد تقدم القول في ذلك. وحجة من قرأ بالياء أن الكلام حمل على الغيبة لأنهم في.
المعنى: ثم حكى سبحانه عنهم نقض الميثاق والعهود، بعد حكايته عنهم التكذيب بالرسل فقال: (وإذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) قيل: أراد به اليهود خاصة. وقيل: أراد اليهود والنصارى. وقيل: أراد به كل من أوتي علما بشئ من الكتب (لتبيننه للناس) أي: لتظهرنه للناس، والهاء عائدة إلى محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " في قول سعيد بن جبير والسدي، لأن في كتابهم أن محمدا رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم "، وأن الدين هو الاسلام. وقيل: الهاء عائدة إلى الكتاب فيدخل فيها بيان أمر النبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، لأنه في الكتاب، عن الحسن وقتادة (ولا تكتمونه) أي: ولا تخفونه عند الحاجة (فنبذوه وراء ظهورهم) ومعناه: ضيعوه وتركوه وراء ظهورهم، فلم يعلموا به، وإن