مقدار لمح البصر. وروي بقدر حلب شاة. وهذا أحد ما يدل على أنه ليس بجسم، وأنه لا يحتاج في فعل الكلام إلى آلة، لأنه لو كان كذلك لما جاز أن يخاطب اثنين في وقت واحد بمخاطبتين مختلفتين، ولكان يشغله خطاب بعض الخلق عن خطاب غيره، ولكانت مدة محاسبته للخلق على أعمالهم طويلة. وروي عن أمير المؤمنين " عليه السلام " أنه قال: معناه أنه يحاسب الخلق دفعة، كما يرزقهم دفعة وثالثها: إن معناه أنه تعالى سريع القبول لدعاء هؤلاء، والإجابة لهم من غير احتباس فيه، وبحث عن المقدار الذي يستحقه كل داع كما يحتبس المخلوقون للإحصاء والاحتساب.
ويقرب منه ما روي عن ابن عباس أنه قال: يريد أنه لا حساب على هؤلاء، إنما يعطون كتبهم بأيمانهم، فيقال لهم: هذه سيئاتكم قد تجاوزت بها عنكم، وهذه حسناتكم قد ضعفتها لكم.
(واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون [203]).
اللغة: المعدودات: تستعمل كثيرا في اللغة للشئ القليل، وكل عدد قل أو كثر فهو معدود. ولكن معدودات أدل على القلة، لأن كل قليل يجمع بالألف والتاء.
والحشر: جمع القوم من كل ناحية إلى مكان. والمحشر: المكان الذي يحشرون فيه. وحشرتهم السنة: إذا أجحفت بهم، لأنها تضمهم من النواحي إلى المصر.
وسهم حشر: خفيف لطيف لأنه ضامر باجتماعه. وأذن حشرة: لطيفة وضامرة.
وحشرات الأرض: دوابها الصغار لاجتماعها من كل ناحية. فأصل الباب:
الاجتماع.
الاعراب: العامل في اللام من قوله (لمن اتقى) فيه قولان أحدهما: إن تقديره ذلك (لمن اتقى) فيكون الجار والمجرور في موضع خبر المبتدأ، وإنما حذف ذلك، لأن الكلام الأول دل على وعد للعامل والثاني: أن يكون العامل فيه معنى لا إثم عليه، لأنه قد تضمن معنى جعلناه لمن اتقى.
المعنى: (واذكروا الله في أيام معدودات) هذا أمر من الله للمكلفين أن يذكروه في أيام معدودات، وهي أيام التشريق ثلاثة بعد النحر. والأيام المعلومات: عشر ذي