معناه لكلفكم ما يشق عليكم فتعنتون، ولكنه لم يفعل. وفي هذا دلالة على بطلان قول المجبرة، لأنه سبحانه إذا لم يشأ اعناتهم، ولو أعنتهم لكان جائزا حسنا، لكنه وسع عليهم لما في التوسعة من النعمة، فكيف يصح أن يشاء تكليف ما لا يطاق؟
وكيف يكلف ما لا سبيل للمكلف إليه ويأمره بما لا يتصور إحداثه من جهته؟ وأي عنت أعظم من هذا؟ قال البلخي: وفيه أيضا دلالة على فساد (1) مذهب من قال إنه تعالى لا يقدر على الظلم، لأن الإعنات بتكليف ما لا يجوز في الحكمة، مقدور ولو شاء لفعله (إن الله عزيز) يفعل بعزته ما يحب، لا يدفعه عنه دافع (حكيم) في تدبيره وأفعاله، ليس له عما توجبه الحكمة مانع.
(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون [221]).
اللغة: النكاح: اسم يقع على العقد والوطء. وقيل: إن أصله الوطء ثم كثر حتى قيل للعقد نكاح، كما أن الحدث يسمى عذرة وهي اسم للفناء، ويسمى غائطا وهو اسم للمكان المطمئن. يقال: نكح ينكح نكاحا: إذا تزوج. وأنكحه غيره:
زوجه. والأمة: المملوكة، يقال: أمة بينة الأموة، وأميت فلانة وتأميتها: إذا جعلتها أمة. وأصل أمة فعلة بدلالة قولهم في جمعها إماء وآم، نحو أكمة وإكام وآكم.
الاعراب: (يؤمن): في محل النصب بأن مضمرة، وأن يؤمن: في موضع جر بحتى. وحتى: يتعلق بتنكح. و (من مشركة): من يتعلق بخير. والجار والمجرور في محل النصب بأنه مفعول به. (ولو أعجبتكم): جواب (لو) محذوف تقديره ولو أعجبتكم أمة مشركة لأمة مؤمنة خير منها، (ولا تنكحوا المشركين):
المفعول الثاني محذوف تقديره ولا تنكحوا المشركين الأزواج حتى يؤمنوا. وإعراب قوله (حتى يؤمنوا)، وقوله (ولو أعجبكم) (2) مثل ما قلنا في (حتى يؤمن)، (ولو أعجبتكم).