الميثاق. وقوله (لتؤمنن): متعلق بأخذ الميثاق، وهو في الحاصل راجع إلى معنى الشرط والجزاء.
وقوله: (ولتنصرنه) أي: البشارة للأمم به قال، أي: قال الله لأنبيائه:
(أأقررتم) به وصدقتموه (وأخذتم على ذلك إصري) معناه: وقبلتم على ذلك عهدي، ونظيره: (فإن أوتيتم هذا فخذوه). وقيل: معناه وأخذتم العهد بذلك على أممكم (قالوا) أي: قال الأنبياء وأممهم (أقررنا) بما أمرتنا بالإقرار به (قال) الله (فاشهدوا) بذلك على أممكم (وأنا معكم من الشاهدين) عليكم، وعلى أممكم، عن علي. وقيل: فاشهدوا أي: فاعلموا ذلك أنا معكم أعلم، عن ابن عباس.
وقيل: معناه ليشهد بعضكم على بعض. وقيل: قال الله للملائكة: اشهدوا عليهم.
فيكون ذلك كناية عن غير مذكور، عن سعيد بن المسيب.
وهذه الآية من مشكلات آيات القرآن، وقد غاص النحويون في وجوه إعرابها وتحقيقها، وشقوا الشعر في تدقيقها، ولا تراها في موضع أوجز لفظا، وأكثر فائدة، وأشد تهذيبا مما ذكرته هنا، وبالله التوفيق. (فمن تولى بعد ذلك) أي: فمن أعرض عن الإيمان بمحمد بعد هذه الدلالات والحجج، وبعد أخذ الميثاق على النبيين الذين سبق ذكرهم، والمقصود بهذه الأمم دون النبيين، لأنه قد مضى أزمانهم، وجاز ذلك، لأن أخذ الميثاق على النبيين يتضمن الأخذ على أممهم. وقد روي عن علي " عليه السلام " أنه قال: لم يبعث الله نبيا، آدم ومن بعده، إلا أخذ عليه العهد: لئن بعث الله محمدا وهو حي، ليؤمنن به، ولينصرنه، وأمره بأن يأخذ العهد بذلك على قومه. (فأولئك هم الفاسقون) ولم يقل الكافرون، لأن المراد الخارجون في الكفر إلى أفحش مراتب الكفر، بتمردهم، وذلك أن أصل الفسق: الخروج عن أمر الله إلى حال توبقه. وفي الكفر ما هو أكبر، وما هو أصغر بالإضافة إليه.
(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون [83] قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل ويعقوب والأسباط وما أوتى