الشاكرين من الرزق في الدنيا، لئلا يتوهم أن الشاكر يحرم ما يعطى الكافر من نعيم الدنيا، عن ابن إسحاق. وروى أبان بن عثمان، عن أبي جعفر " عليه السلام " أنه أصاب عليا " عليه السلام " يوم أحد ستون جراحة، وأن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أمر أم سليم وأم عطية أن تداوياه فقالتا: إنا لا نعالج منه مكانا إلا انفتق مكان آخر، وقد خفنا عليه! فدخل رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " والمسلمون يعودونه، وهو قرحة واحدة، فجعل يمسحه بيده، ويقول: إن رأل لم طء رجلا لقي هذا في الله فقد أبلى وأعذر. وكان القرح الذي يمسحه رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " يلتئم. فقال علي " عليه السلام ": الحمد لله إذ لم أفر، ولم أولي الدبر. فشكر الله له ذلك في موضعين من القرآن وهو قوله (وسيجزي الله الشاكرين) من الرزق في الدنيا (وسنجزي الشاكرين).
قال أبو علي الجبائي: وفي هذه الآية دلالة على أن أجل الانسان إنما هو أجل واحد، وهو الوقت الذي يموت فيه، لأنه لا ينقطع بالقتل عن الأجل الذي أخبر الله بأنه أجل لموته. وقال ابن الأخشيد: لا دليل فيه على ذلك، لأن للإنسان أجلين:
أجلا يموت فيه لا محالة، وأجلا هو موهبة من الله له، ومع ذلك فلن يموت إلا عند الأجل الذي جعله الله أجلا لموته، والأقوى الأول.
النظم: اتصل قوله: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله) بما قبله لأنه حث على الجهاد. وقيل: لأنه تسلية عما لحق النفوس من الوجوم بموت النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ".
وقيل: للبيان بأن حالهم لا تختلف في التكليف بأن يموت النبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، فينبغي أن يتمسك بأمره في حياته، وبعد وفاته.
(وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين [146] وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين [147] فأتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين [148]).
القراءة: قرأ ابن كثير: (كائن) على وزن كاعن. وأبو جعفر يلين الهمزة، وهو قراءة الحسن. والباقون: (كأين) على وزن كعين. وقرأ أهل البصرة وابن كثير