وأن ولد الإبنة ابن في الحقيقة. وقال ابن أبي علان، وهو أحد أئمة المعتزلة: هذا يدل على أن الحسن والحسين كانا مكلفين في تلك الحال، لأن المباهلة لا تجوز إلا مع البالغين. وإنما جعل بلوغ الحلم حدا لتعلق الأحكام الشرعية. وقد كان سنهما في تلك الحال سنا لا يمتنع معها أن يكونا كاملي العقل. على أن عندنا يجوز أن يخرق الله العادات للأئمة، ويخصهم بما لا يشركهم فيه غيرهم. فلو صح أن كمال العقل غير معتاد في تلك السن، لجاز ذلك فيهم، إبانة لهم عمن سواهم، ودلالة على مكانهم من الله تعالى، واختصاصهم. ومما يؤيده من الأخبار قول النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": " ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا ".
(ونساءنا) اتفقوا على أن المراد به فاطمة " عليها السلام "، لأنه لم يحضر المباهلة غيرها من النساء. وهذا يدل على تفضيل الزهراء على جميع النساء، ويعضده ما جاء في الخبر أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قال: " فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها " وقال: " إن الله يغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضائها ". وقد صح عن حذيفة أنه قال: سمعت النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يقول: " أتاني ملك فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، أو نساء أمتي " وعن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: أسر النبي إلى فاطمة شيئا فضحكت، فسألتها فقال: " قال لي: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة، أو نساء المؤمنين " فضحكت لذلك. (ونساءكم) أي: من شئتم من نسائكم.
(وأنفسنا) يعني عليا خاصة. ولا يجوز أن يدعوا الانسان نفسه، وإنما يصح أن يدعوا غيره. وإذا كان قوله (وأنفسنا) لا بد أن يكون إشارة إلى غير الرسول، وجب أن يكون إشارة إلى علي، لأنه لا أحد يدعي دخول غير أمير المؤمنين علي وزوجته وولديه في المباهلة. وهذا يدل على غاية الفضل، وعلو الدرجة والبلوغ منه إلى حيث لا يبلغه أحد، إذ جعله الله نفس الرسول. وهذا ما لا يدانيه فيه أحد، ولا يقاربه. ومما يعضده من الروايات ما صح عن النبي أنه سأل عن بعض أصحابه فقال له قائل: فعلي؟ فقال: " ما سألتني عن الناس، ولم تسألني عن نفسي " وقوله لبريدة الأسلمي: " يا بريدة! لا تبغض عليا، فإنه مني وأنا منه. إن الناس خلقوا من شجر شتى، وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة " وقوله " عليه السلام " بأحد، وقد ظهرت كنايته في المشركين، ووقايته إياه بنفسه، حتى قال جبرائيل: إن هذا لهي المواساة! فقال: يا