في فمها، فلاكتها، فجعله الله في فمها مثل الداعضة: وهي عظم رأى الركبة.
فلفظتها ورمت بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فبعث الله ملكا فحمله، ورده إلى موضعه.
قال: فجاءت إليه فقطعت مذاكيره، وقطعت أذنيه، وقطعت يده ورجله، ولم يبق مع رسول الله الا أبو دجانة سماك بن خرشة، وعلي. فكلما حملت طائفة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استقبلهم علي، فدفعهم عنه، حتى تقطع سيفه. فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيفه ذا الفقار، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ناحية أحد، فوقف. وكان القتال من وجد واحد.
فلم يزل علي عليه السلام يقاتلهم حتى أصابه في رأسه ووجهه ويديه وبطنه ورجليه، سبعون جراحة. كذا أورده علي بن إبراهيم في تفسيره، فقال جبرائيل: ان هذه لهي المواساة يا محمد، فقال محمد: انه مني وأنا منه. فقال جبرائيل: وأنا منكما.
قال أبو عبد الله: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى جبرائيل بين السماء والأرض، على كرسي من ذهب، وهو يقول: لا سيف الا ذو الفقار، ولا فتى الا علي.
وروى ابن أبي إسحاق والسدي والواقدي وابن جرير وغيرهم قالوا: كان المشركون نزلوا بأحد يوم الأربعاء، في شوال، سنة ثلاث من الهجرة. وخرج رسول الله إليهم يوم الجمعة. وكان القتال يوم السبت، للنصف من الشهر. وكسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشج في وجهه. ثم رجع المهاجرون والأنصار بعد الهزيمة، وقد قتل من المسلمين سبعون، وشد رسول الله بمن معه حتى كشفهم، وكان الكفار مثلوا بجماعة. وكان حمزة أعظم مثلة، وضربت يد طلحة فشلت، وسعد بن أبي وقاص كان يرمي بين يديه، وهو عليه السلام يقول: ارم فداك أبي وأمي.
النظم: لما أمر تعالى بالصبر في قوله (وان تصبروا وتتقوا) عقبه بنصرة المسلمين يوم بدر، وصبرهم على القتال. ثم ذكر امتحانهم يوم أحد لما تركوا الصبر. وقيل: نظمه وان تصبروا ينصركم كما نصركم يوم بدر، وإن لم تصبروا نزل بكم ما نزل يوم أحد حيث خالفتم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وذكر أبو مسلم انه متصل بقوله: (قد كان لكم آية في فئتين) كما تقدم ذكره.
(ولد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون 123 إذ تقول