علامة الفقر، عن السدي والربيع. وقيل: لما يرى من التخشع والخضوع الذي هو شعار الصالحين، عن مجاهد (لا يسألون الناس إلحافا) قيل: معناه إنهم لا يسألون الناس أصلا. وليس معناه أنهم يسألون من غير إلحاف، عن ابن عباس، وهو قول الفراء، والزجاج وأكثر أرباب المعاني.
وفي الآية ما يدل عليه وهو قوله: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) في المسألة، ولو كانوا يسألون لم يكن يحسبهم الجاهل أغنياء، لأن السؤال في الظاهر يدل على الفقر. وقوله أيضا: (تعرفهم بسيماهم) ولو سألوا لعرفوا بالسؤال. قالوا وإنما هو كقولك: ما رأيت مثله، وأنت لم ترد أن له مثلا ما رأيته، وإنما تريد أنه ليس له مثل فيرى، فمعناه لم يكن سؤال فيكون إلحاح، كقول الأعشى:
لا يغمز الساق من أين، ومن نصب، * ولا يعض على شرسوفه الصفر (1) ومعناه: ليس بساقها أين ولا نصب فيغمزها، ليس أن هناك أينا، ولا يغمز.
وفي الحديث: " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويكره البؤس والتباؤس، ويحب الحليم المتعفف من عباده، ويبغض الفاحش البذئ السائل الملحف ".
وعنه " عليه السلام " قال: إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ونهي عن عقوق الأمهات، ووأد (2) البنات وعن منع وهات. وقال " عليه السلام ": الأيدي ثلاث: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليه، ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة، ومن سأل وله ما يغنيه جاءت مسئلته يوم القيامة كدوحا (3)، أو خموشا، أو خدوشا في وجهه. قيل: وما غناه؟ قال: خمسون درهما، أو عدلها من الذهب (وما تنفقوا من خير) من مال. وقيل: معناه في وجوه الخير (فإن الله به عليم) أي: يجازيكم عليه.
(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون [274]).
الاعراب: (سرا وعلانية): حالان من (ينفقون)، وتقديره: مسرين