ما فيه من الدلالة، عن مجاهد، وأبي العالية وثالثها: أسلم المؤمن طوعا وكرها، والكافر كرها عند موته، كقوله: (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) عن قتادة، واختاره البلخي، ومعناه التخفيف لهم من التأخير عما هذه سبيله ورابعها: إن معناه استسلم له بالانقياد والذكر (1) كقوله: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) أي استسلمنا، عن الشعبي والجبائي والزجاج. وخامسها: إن معناه أكرم أقوام على الاسلام، وجاء أقوام طائعين، عن الحسن، وهو المروي عن أبي عبد الله، قال: كرها أي: فرقا من السيف. وقال الحسن والمفضل: الطوع لأهل السماوات خاصة. وأما أهل الأرض فمنهم من أسلم طوعا، ومنهم من أسلم كرها.
(وليه ترجعون) أي: إلى جزائه تصيرون، فبادروا إلى دينه، ولا تخالفوا الاسلام. (قل آمنا بالله) خطاب للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وأمر له بأن يقول عن نفسه، وعن أمته: آمنا بالله. (وما أنزل علينا) الآية. كما يخاطب رئيس قوم بأن يقول عن نفسه، وعن رعيته. وقد سبق معنى الآية في سورة البقرة.
فإن قيل: ما معنى قوله (ونحن له مسلمون) بعد ما سبق من الإقرار بالإيمان على التفصيل؟ قلنا: معناه ونحن له مسلمون بالطاعة والانقياد في جميع ما أمر به، ونهى عنه. وأيضا فإن أهل الملل المخالفة للإسلام، كانوا يقرون كلهم بالإيمان، ولكن لم يقروا بلفظ الاسلام. فلهذا قال: (ونحن له مسلمون). (ومن يبتغ غير الاسلام) أي: يطلب (دينا) يدين به (فلن يقبل منه) بل يعاقب عليه. ويدل عليه قوله: (وهو في الآخرة من الخاسرين) أي: من الهالكين، لأن الخسران ذهاب رأس المال. وفي هذه الآية دلالة على أن من ابتغى الاسلام دينا، يقبل منه. فدل ذلك على أن الدين والإسلام والإيمان واحد، وهي عبارات من معبر واحد.
(كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدى القوم الظالمين [86] أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين [87] خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون [88] إلا من بعد ذلك وأصلحوا