وقيل: سنن أمم، والسنة: الأمة، عن المفضل. وقال الشاعر ما عاين الناس من فضل كفضلكم، ولا رأوا مثلكم في سالف السنن وقيل: معناه أهل سنن. وقيل: معناه قد مضت لكل أمة سنة ومنهاج، إذا اتبعوها، رضي الله عنهم، عن الكلبي (فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) أي: تعرفوا أخبار المكذبين، وما أنزل بهم، لتتعظوا بذلك، وتنتهوا عن مثل ما فعلوه، ولا تسلكوا في التكذيب والانكار طريقتهم، فيحل بكم من العذاب ما حل بهم. وأراد بالمكذبين الجاحدين للبعث والنشور، والثواب والعقاب، جازاهم الله تعالى في الدنيا بعذاب الاستئصال، وفي الآخرة بأليم العذاب، وعظيم النكال (هذا) إشارة إلى القرآن (بيان للناس) أي: دلالة وحجة لهم كافة، عن الحسن، وقتادة. وقيل: إشارة إلى ما تقدم من قوله (قد خلت من قبلكم سنن) أي هذا الذي عرفتكم بيان للناس، عن ابن أبي إسحاق، واختاره البلخي والطبري.
(وهدى) قال علي بن عيسى: الفرق بين البيان والهدى أن البيان إظهار المعنى للغير كائنا ما كان. والهدى بيان لطريق الرشد ليسلك دون طريق الغي. (وموعظة للمتقين) وإنما خص المتقين به مع كونه بيانا وهدى وموعظة للناس كافة، لان المتقين هم المنتفعون به، والمهتدون بهداه، والمتعظون بمواعظه.
(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ان كنتم مؤمنين 139 ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين 140).
القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير حفص: (قرح) بضم القاف فيهما، وكذلك قوله: (من بعد ما أصابهم القرح). والباقون: بفتح القاف.
الحجة: قال أبو علي ى: قرح وقرح مثل ضعف وضعف. والكره والكره، والدف ء والدف ء، والشهد والشهد. قال أبو الحسن: قرح يقرح قرحا وقرحا، فهذا يدل على أنهما مصدران. ومن قال إن القرح: الجراحات بأعيانها، والقرح: ألم