على البدل من (كلمة) فكأنه قال: تعالوا إلى أن لا نعبد إلا الله والآخر: أن يكون في موضع رفع على تقدير: هي أن لا نعبد إلا الله. ولو قرئ (أن لا نعبد) بالرفع كان (أن) هي المخففة من المثقلة، فكأنه قال: إنه لا نعبد إلا الله، كقوله: (أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا) وعلى هذا يثبت النون في الخط، ويكون إن من العوامل في الأسماء. وعلى الأول يكون من العوامل في الأفعال. ولا يثبت في الخط لنون.
ولو قرئ (أن لا نعبد إلا الله) بالإسكان، فأن مفسرة كالتي في قوله: (أن امشوا)، و (لا نعبد) نهي.
النزول: قيل في سبب نزول الآية أقوال أحدها إنها نزلت في نصارى نجران، عن الحسن والسدي وابن زيد ومحمد بن جعفر بن الزبير وثانيها: إنها نزلت في يهود المدينة، عن قتادة والربيع وابن جريج، وقد رواه أصحابنا أيضا وثالثها:
إنها نزلت في الفريقين من أهل الكتاب على الظاهر، عن أبي علي الجبائي، وهذا أولى لعمومه.
المعنى: لما تم الحجاج على القوم، دعاهم تعالى إلى التوحيد، وإلى الاقتداء بمن اتفقوا أنه كان على الحق، فقال: (قل) يا محمد (يا أهل الكتاب تعالوا) أي: هلموا (إلى كلمة سواء) أي: عدل (بيننا وبينكم) أي: عادلة لا ميل لها، كما يقال: رجل عدل أي: عادل لا ميل فيه. وقيل: معناه كلمة مستوية بيننا وبينكم، فيها ترك العبادة لغير الله، وهي (إن لا نعبد إلا الله) لأن العبادة لا تحق إلا له (ولا نشرك به) في العبادة (شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) اختلف في معناه فقيل: معناه ولا يتخذ بعضنا عيسى ربا، فإنه كان بعض الناس. وقيل: معناه أن لا نتخذ الأحبار أربابا بأن نطيعهم طاعة الأرباب لقوله:
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله). وروي عن أبي عبد الله أنه قال: ما عبدوهم من دون الله، ولكن حرموا لهم حلالا، وأحلوا لهم حراما، فكان ذلك اتخاذهم أربابا من دون الله. وقد روي أيضا: أنه لما نزلت هذه الآية، قال عدي بن حاتم: ما كنا نعبدهم يا رسول الله! فقال " صلى الله عليه وآله وسلم " " أما كانوا يحلون لكم، ويحرمون، فتأخذون بقولهم؟ فقال: نعم. فقال النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": هو ذاك ".
(فإن تولوا) أي: أعرضوا عن الإقرار بالعبودية، وأن أحدا لا يستحق العبادة غيره (فقولوا) أنتم أيها المسلمون مقابلة لإعراضهم عن الحق، وتجديدا للإقرار،