بالمستقبل. فلا يجوز أن يقال: أرادوا لو يضلونكم، لان الإرادة يجري مجرى الاستدعاء إلى الفعل، أو مجرى العلة في ترتيب الفعل. فأما التمني فهو تقرير شئ في النفس يستمتع بتقريره. والفرق بين ود لو تضله وبين ود أن تضله أن أن للاستقبال، وليس كذلك لو.
المعنى: ثم بين سبحانه أن هؤلاء كما ضلوا، دعوا إلى الضلال، فقال:
(ودت) أي تمنت. وقيل: أرادت (طائفة) أي جماعة (1) (من أهل الكتاب) أي: من اليهود والنصارى. وقيل: من اليهود خاصة (لو يضلوكم) أي: يهلكونكم بادخالكم في الضلال، ودعائكم إليه. ويستعمل الضلال بمعنى الهلاك نحو قوله: (أإذا أضللنا في الأرض) ومعناه: هلكنا وبطلت صورنا.
(وما يضلون إلا أنفسهم) معناه: لا يرجع وبال إضلالهم إلا على أنفسهم، ولا يلحق ضررهم إلا بهم، فإن المسلمين لا يجيبونهم إلى ما يدعونهم إليه من ترك الاسلام إلى غيره من الأديان، فيبقى عليهم إثم الكفر، ووبال الدعاء إلى الكفر.
وقيل: معناه وما يهلكون إلا أنفسهم أي: لا يعتد بما يحصل لغيرهم من الهلاك، في جنب ما يحصل لهم (وما يشعرون) أي: وما يعلمون أن وبال ذلك يعود إليهم.
وقيل: وما يشعرون أن الله تعالى يدل المؤمنين على ضلالهم وإضلالهم. وقيل: وما يشعرون أنهم ضلال لجهلهم، عن أبي الجبائي.
(يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون [70] يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون [71]).
الاعراب (لم): أصله لما حذفت الألف لاتصالها بالحرف الجار، مع وقوعها ظرفا. ولدلالة الفتحة عليها، وكذلك بم وعم.
المعنى: ثم خاطب الله الفريقين، فقال: (يا أهل الكتاب لم تكفرون) (ب) ما يتلى عليكم من (آيات الله) يعني: القرآن (وأنتم تشهدون) أي: تعلمون وتشاهدون ما يدل على صحتها ووجوب الإقرار بها من التوراة والإنجيل، إذ فيهما ذكر النبي، والإخبار يصدق نبوته، وبيان صفته. وقيل: يعني بآيات الله ما في كتبهم من