قال أبو عبيدة: السلم بكسر السين، والإسلام وأحد، وهو في موضع آخر المسالمة والصلح. والسلم: الاستسلام ومنه قوله تعالى (ورجلا سلما لرجل) أي:
مستسلما له، منقادا لما يريده منه، فيكون مصدرا وصف به. ويحتمل أيضا أن يكون فعلا بمعنى فاعل مثل بطل وحسن، ونظيره: يابس ويبس، وواسط ووسط.
اللغة: (كافة) معناه جميعا، واشتقاقه في اللغة مما يكف الشئ في آخره.
ومن ذلك كفة القميص لحاشيته، لأنها تمنعه من أن ينتشر. وكل مستطيل فحرفه كفة. ويقال في كل مستدير كفة، نحو كفة الميزان. واستكف السائل وتكفف: إذا بسط كفه للسؤال. وكل شئ جمعته فقد كففته. واستكف القوم بالشئ: إذا أحدقوا به الاعراب: (كافة): منصوب على الحال من الواو في (ادخلوا). وقيل: هو حال من (السلم). و (لكم): يتعلق بمحذوف فهو في موضع نصب على الحال من (عدو).
المعنى: لما قدم تعالى ذكر الفرق الثلاث من العباد، دعا جميعهم إلى الطاعة والانقياد، فقال: (يا أيها الذين آمنوا) أي: صدقوا الله ورسوله (ادخلوا في السلم) أي: في الاسلام أي: دوموا فيما دخلتم فيه، كقوله: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله) عن ابن عباس والسدي والضحاك ومجاهد. وقيل: معناه في السلم في الطاعة، عن الربيع، وهو اختيار البلخي. والكلام محتمل للأمرين، وحملها على الطاعة أعم، ويدخل فيه ما رواه أصحابنا من أن المراد به الدخول في الولاية. (كافة) أي: جميعا. أي: أدخلوا جميعا في الاسلام والطاعة والاستسلام. وقيل: معناه ادخلوا في السلم كله أي: في جميع شرائع الاسلام، ولا تتركوا بعضه معصية. ويؤيد هذا القول ما روي أن قوما من اليهود أسلموا، وسألوا النبي أن يبقي عليهم تحريم السبت، وتحريم لحم الإبل، فأمرهم أن يلتزموا جميع أحكام الاسلام. (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) أي: آثاره ونزعاته، لأن ترككم شيئا من شرائع الاسلام، اتباع للشيطان. (إنه لكم عدو مبين) أي: مظهر للعداوة بامتناعه من السجود لآدم بقوله: (لأحتنكن ذريته إلا قليلا).
(فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله