خاضعين له، مستكينين له بالطاعة، متذللين بها. قال ابن زيد: الخاشع المتذلل الخائف. وقال الحسن: الخشوع الخوف اللازم للقلب من الله.
(لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا) أي: لا يأخذون عوضا يسيرا على تحريف الكتاب، وكتمان الحق من الرشى والمأكل، كما فعله غيرهم ممن وصفهم تعالى في قوله: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ولكن ينقادون إلى الحق يعملون بما أمرهم الله به وينتهون عما نهاهم عنه). ثم قال (أولئك) يعني هؤلاء الذين وصفناهم (لهم أجرهم عند ربهم) معناه: لهم ثواب أعمالهم، وأجر طاعاتهم عند الله مذخور، حتى يوفيهم الله يوم القيامة.
(إن الله سريع الحساب) وصف الحساب بالسرعة، لأنه تعالى لا يؤخر الجزاء عمن يستحقه بطول الحساب، لأنه لا يخفى عليه شئ من أعمالهم قبل أن يعملوها، وبعد أن عملوها، فلا حاجة به إلى إحصاء عدد، فيقع في الإحصاء إبطاء. وقيل:
معناه إنه يحاسب كل الخلق معا، فإذا حاسب واحدا فقد حاسب الجميع، لأنه قادر على أن يكلمهم في حالة واحدة، كل واحد بكلام يخصه، لأنه القادر لنفسه، عن أبي علي الجبائي. وإنما خص الله تعالى هذه الطائفة بالوعيد، ليبين أن جزاء أعمالهم موفر عليهم، ولا يضرهم كفر من كفر منهم.
(يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون [200]).
اللغة: أصل الرباط: ارتباط الخيل للعدو. والربط: الشد. ومنه قولهم: ربط الله على قلبه بالصبر. ثم استعمل في كل مقيم في ثغر يدفع عمن وراءه ممن أرادهم بسوء. والرباط أيضا: اسم لما يشد به.
المعنى: لما حكى الله تعالى أحوال المؤمنين والكافرين فيما تقدم، حث بعد ذلك على الصبر على الطاعة، ولزوم الدين في الجهاد في سبيل الله فقال: (يا أيها الذين آمنوا) أي: صدقوا الله ورسوله (اصبروا وصابروا ورابطوا) اختلف في معناه على وجوه أحدها: إن المعنى اصبروا على دينكم أي: اثبتوا عليه، وصابروا الكفار، ورابطوهم في سبيل الله، عن الحسن وقتادة وابن جريج والضحاك. فعلى هذا يكون معناه: اصبروا على طاعة الله، وعن معاصيه، وقاتلوا العدو، واصبروا