القراءة: قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر بالياء فيهما. والباقون بالتاء، إلا أبا عمرو، فإنه كان يحير.
الحجة: وجه القراءة بالياء أن يكون كناية عمن تقدم ذكره من أهل الكتاب، ليكون الكلام على طريقه واحدة. ووجه التاء: أنه خلطهم بغيرهم من المكلفين، ويكون خطابا للجميع في أن حكمهم واحد.
الاعراب: (وما يفعلوا): ما للمجازاة و (يفعلوا): مجزوم بالشرط، وإنما جوزي بما، ولم يجاز بكيف، لان (ما) أمكن من (كيف) لأنها تكون معرفة ونكرة، لأنها للجنس. و (كيف): لا تكون إلا نكرة، لأنها للحال. والحال لا يكون إلا نكرة، لأنها للفائدة.
المعنى: (وما تفعلوا من خير) أي: من طاعة (فلن تكفروه) أي: لم يمنع عنكم جزاؤه. وسمي منع الجزاء كفرا على الاتساع، لأنه بمنزلة الجحد، والستر له، ومعناه: لا تجحد طاعتكم، ولا تستر بمنع الجزاء. وهذا كما يوصف الله تعالى بأنه شاكر، وحقيقته أنه يثيب على الطاعة ثواب الشاكرين على النعمة. فلما استعير للثواب للشكر، استعير لنقيضه من منع الثواب الكفر، لان الشكر في الأصل هو الاعتراف بالنعمة. والكفر: ستر النعمة في المنعم عليه بتضييع حقها. (والله عليم بالمتقين) أي: بأحوالهم فيجازيهم، وإنما خص المتقين بالذكر، وإن كان عليما بالكل، لان الكلام اقتضى ذكر جزاء المتقين. فنبه بذلك على أنه لا يضيع شئ من عملهم، قل أم كثر، لان المجازي عليهم بكل ذلك. وهذه الآية تدل على أن شيئا من أعمال الخير والطاعة لا يبطل البتة، خلافا لقول من قال بالاحباط.
(إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحب النار هم فيها خلدون (116) مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون (117)).
اللغة: يقال: أغنى عنه إذا دفع عنه ضررا لولاه لنزل به. وإذا قيل: أغناه كذا عن كذا أفاد أن أحد الشيئين صار بدلا من الاخر في نفي الحاجة. والغنى: