في سبيل الله) في الجهاد عن دينهم، عن ابن عباس. وقيل: فما وهنوا أي: فما جبنوا عن قتال عدوهم. (وما ضعفوا) أي: ما فتروا (وما استكانوا) أي: وما خضعوا لعدوهم، عن الزجاج (والله يحب الصابرين) في الجهاد. قال ابن الأنباري: أي:
فقد كان واجبا عليكم أن تقاتلوا على أمر نبيكم لو قتل، كما قاتل أمم الأنبياء بعد قتلهم، ولم يرجعوا عن دينهم. (وما كان قولهم) عند لقاء العدو (إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا) والمعنى ما كان قولهم إلا استغفارهم أي: إلا قولهم: ربنا اغفر لنا ذنوبنا. وقوله: أن قالوا اسم كان، وقولهم: خبره. والضمير يعود إلى النبي ومن معه، على أحد القولين، وإلى الربيين في قول الآخر. وقوله: اغفر لنا ذنوبنا أي:
استرها علينا بترك عقابنا ومجازاتنا عليها.
(وإسرافنا في أمرنا) أي: تجاوزنا الحد وتفريطنا وتقصيرنا. رغب الله تعالى أصحاب الرسول في أن يقولوا هذا القول، ولا يقولوا قولا يدل على الضعف، فيطمع الأعداء فيهم (وثبت أقدامنا) في جهاد عدوك بتقوية القلوب، وفعل الألطاف التي معها تثبت الاقدام، فلا تزول للانهزام. وقيل: معناه ثبتنا على الدين، فتثبت به أقدامنا (وانصرنا) على القوم وأعنا (على القوم الكافرين) بإلقاء الرعب في قلوبهم، وامدادنا بالملائكة.
ثم بين تعالى ما آتاهم عقيب دعائهم، فقال: (فآتاهم الله) يعني الذين وصفهم أعطاهم الله (ثواب الدنيا) وهو نصرهم على عدوهم، حتى ظفروا بهم، وقهروهم، وغلبوهم، ونالوا منهم الغنيمة، (وحسن ثواب الآخرة)، وهو الجنة والمغفرة. ويجوز أن يكون ما آتاهم في الدنيا من الظفر والفتح والنصر وأخذ الغنيمة، ثوابا مستحقا لهم على طاعاتهم، لأن في ذلك التعظيم لهم والإجلال، ولذلك تقول: إن المدح على فعل الطاعة، والتسمية بالأسماء الشريفة، بعض الثواب. ويجوز أن يكون أعطاهم الله ذلك تفضلا منه تعالى، أو لما لهم فيه من اللطف، فيكون تسميته بأنه ثواب مجازا وتوسعا. والثواب: هو النفع الخالص المستحق المقارن للتعظيم والتبجيل (والله يحب المحسنين) في أقوالهم وأفعالهم.
والمحسن: فاعل الحسن. وقيل: المحسن الذي يحسن إلى نفسه بطاعة ربه.
وقيل: الذي يحسن إلى غيره.
(يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم