كانوا مقرين به، عن ابن عباس. ويقال لمن يطرح الشئ ولا يعبأ به: رماه بظهره.
قال الفرزدق:
تميم بن قيس، لا تكونن حاجتي * بظهر، ولا يعبأ علي جوابها (1) (واشتروا به ثمنا قليلا) أي: استبدلوا بعهد الله عليه، ومخالفته وميثاقه، عوضا يسيرا من حطام الدنيا، يعني: ما حصلوه لأنفسهم من المأكلة والرشا والهدايا التي أخذوها من تحوتهم (فبئس ما يشترون) أي: بئس الشئ ذلك إذ يستحقون به العذاب الأليم، وإن كان نفعا عاجلا. ودلت الآية على وجوب إظهار الحق، وتحريم كتمانه. فيدخل فيه بيان الدين والأحكام والفتاوى والشهادات، وغير ذلك من الأمور التي يختص بها العلماء. وروى الثعلبي في تفسيره بإسناده عن الحسن بن عمارة قال: أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث، فألفيته على بابه فقلت: إن رأيت أن تحدثني. فقال: أو ما علمت أني تركت الحديث. فقلت: إما أن تحدثني، وإما أن أحدثك. فقال: حدثني. فقلت: حدثني الحكم بن عيينة، عن نجم الجزار قال:
سمعت علي بن أبي طالب " عليه السلام " يقول: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا. قال: فحدثني أربعين حديثا.
(لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم [188]).
القراءة: قد ذكرنا اختلاف القراءة في تحسبن، وتحسبنهم فيما قبل.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ (لا يحسبن) بالياء (فلا يحسبنهم)، فالذين في موضع رفع بأنه فاعل (يحسبن)، ولم يوقع (يحسبن) على شئ. قال أبو الحسن: لا يعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء، لأنه لم يوقعه على شئ، ويرى أنه لم يستحسن أن لا يعدي حسب، لأنه قد جرى مجرى اليمين في نحو: علم الله لأفعلن، ولقد علمت لتأتين منيتي، وظنوا ما لهم من محيص. فكما أن القسم لا يتكلم به حتى يعلق بالمقسم عليه، فكذلك ظننت وعلمت في هذا الباب. وأيضا فقد جرى في كلامهم لغوا، وما جرى لغوا لا يكون في حكم الجمل المفيدة، ومن ثم