(ولكن كان حنيفا) أي: مائلا عن الأديان كلها إلى دين الاسلام. وقيل: معناه مستقيما في دينه (مسلما) أي: كائنا على دين الاسلام (وما كان من المشركين) قيل: إن هذا يتضمن كون اليهودية والنصرانية شركا. وقيل: إن معناه لم يكن مشركا على ما يدعيه مشركو العرب.
(إن أولى الناس بإبراهيم) يعني: إن أحق الناس بنصرة إبراهيم بالحجة أو بالمعونة (للذين اتبعوه) في وقته وزمانه، وتولوه بالنصرة على عدوه، حتى ظهر أمره، وعلت كلمته (وهذا النبي والذين آمنوا) يتولون نصرته بالحجة، لما كان عليه من الحق، وتبرئة كل عيب عنه أي: هم الذين ينبغي لهم أن يقولوا: إنا على دين إبراهيم، ولهم ولايته (والله ولي المؤمنين) لأنه يتولى نصرتهم، والمؤمن ولي الله لهذا المعنى بعينه. وقيل: لأنه يتولى نصرة ما أمر الله به من الدين. وإنما أفرد الله النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بالذكر، تعظيما لأمره، وإجلالا لقدره، كما أفرد جبرائيل وميكائيل.
وقيل: ليدخل في الولاية وتعود إليه الكناية. فإن التقدير: والذين آمنوا به.
وفي هذه الآية دلالة على أن الولاية تثبت بالدين لا بالنسب، ويعضد ذلك قول أمير المؤمنين: إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم (1) بما جاؤوا به، ثم تلا هذه الآية.
وقال إن ولي محمد من أطاع الله، وإن بعدت لحمته. وإن عدو محمد من عصى الله، وإن قربت قربته. وروى عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله: هم والله من آل محمد. قلت: من أنفسهم جعلت فداك قال: نعم والله من أنفسهم. قالها ثلاثا.
ثم نظر إلي ونظرت إليه، فقال: يا عمر! إن الله يقول في كتابه: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه) الآية رواه علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس عنه.
(ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون [69]).
اللغة: ودت أي: تمنت. فلما كان بمعنى تمنى صلح للماضي والحال والاستقبال. فذلك جاز بلو. وليس كذلك المحبة والإرادة، لأنهما لا يتعلقان إلا