على مقابلة أعمالهم وإيمانهم وكفرهم، فلا يدل بسط الرزق على منزلته عند الله.
وإن قلنا: إن المراد في الآخرة، فمعناه إن الله لا يثيب المؤمنين في الآخرة على قدر أعمالهم التي سلفت منهم، بل يزيدهم تفضلا. وثالثها: إنه يعطيه عطاء لا يؤاخذه بذلك أحد، ولا يسأله عنه سائل، ولا يطلب عليه جزاء ولا مكافاة ورابعها: إنه يعطي العدد من الشئ لا يضبط بالحساب، ولا يأتي عليه العدد، لأن ما يقدر عليه غير متناه ولا محصور، فهو يعطي الشئ لا من عدد أكثر منه فينقص منه كمن يعطي الألف من الألفين، والعشرة من المائة، عن قطرب. وخامسها: إن معناه يعطي أهل الجنة ما لا يتناهى، ولا يأتي عليه الحساب، وكل هذه الوجوه جائز حسن.
(كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم [213]).
القراءة: قرأ أبو جعفر القاري وحده: (ليحكم) بضم الياء وفتح الكاف.
والباقون بفتح الياء وضم الكاف.
الحجة: وجه القراءة الظاهرة أن الكتاب يحكم ويكون على التوسع، كقوله تعالى: (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) ويجوز أن يكون فاعل يحكم الله أي:
ليحكم الله في عباده. ووجه قراءة أبي جعفر ظاهر.
اللغة: الأمة على وجوه ذكرناها عند قوله: (تلك أمة قد خلت) (1) وهي هنا بمعنى الملة والدين.
الاعراب: (مبشرين ومنذرين) نصب على الحال (بالحق) في موضع الحال، والعامل فيه (أنزل) وذو الحال الكتاب (ليحكم) جار ومجرور. واللام يتعلق بأنزل. و (بغيا بينهم): نصب على أنهم مفعول له أي: لم يوقعوا الاختلاف إلا للبغي. ويجوز أن يكون مصدرا وقع موقع الحال (وما): اسم موصول.