نفسه من الدعاء إلى العصمة، فقد أطاع الداعي إليها.
النزول: قال محمد بن جعفر بن الزبير: نزلت الآيتان في وفد نجران من النصارى لما قالوا: إنا نعظم المسيح حبا لله.
المعنى: ثم بين سبحانه أن الإيمان به لا يجدي، إلا إذا قارنه الإيمان برسوله " صلى الله عليه وآله وسلم " فقال: (قل) يا محمد (إن كنتم تحبون الله) كما تزعمون (فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) وقيل: معناه إن كنتم تحبون دين الله، فاتبعوا ديني يزدد لكم حبا، عن ابن عباس. وقيل: إن كنتم صادقين في دعوة محبة الله تعالى، فاتبعوني فإنكم إن فعلتم ذلك أحبكم الله، ويغفر لكم (والله غفور رحيم) أي: كثير المغفرة والرحمة (قل أطيعوا الله والرسول) أي: قل يا محمد إن كنتم تحبون الله كما تدعون، فأظهروا دلالة صدقكم بطاعة الله، وطاعة رسوله، فذلك إمارة صدق الدعوة (فإن تولوا) أي: فإن أعرضوا عن طاعة الله وطاعة رسوله (فإن الله لا يحب الكافرين) معناه: إنه يبغضهم، ولا يريد ثوابهم. فدل بالنفي على الإثبات، وذلك أبلغ، لأنه لو قال يبغضهم لجاز أن يتوهم أنه يبغضهم من وجه، ويحبهم من وجه آخر، كما يجوز أن يعلم الشئ من وجه، ويجهل من وجه. وفي هذا دلالة على بطلان مذهب المجبرة، لأنه إذا لم يحب الكافرين من أجل كفرهم، ولم يرد ثوابهم لذلك، فلا يريد إذا كفرهم، لأنه لو أراده لم يكن نفي محبته لهم لكفرهم.
(* إن الله اصطفى ادم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين [33] ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم [34]).
اللغة: الاصطفاء والاختيار والاجتباء نظائر، وهو افتعل من الصفوة. وهذا من أحسن البيان الذي يمثل به المعلوم بالمرئي، وذلك أن الصافي هو النقي من شائب الكدر فيما يشاهد. فمثل الله تعالى خلوص هؤلاء القوم من الفساد بخلوص الصافي من شائب الأدناس. وقد بينا معنى الآل فيما مضى عند قوله: (وإذ نجيناكم من آل فرعون) الآية (1) ومعنى الذرية وأصله عند قوله: (من ذريتي) (2).
الاعراب: يحتمل نصب ذرية على وجهين أحدهما: أن يكون حالا والعامل فيها اصطفى والثاني: أن يكون على البدل من مفعول اصطفى.
المعنى: (إن الله اصطفى) أي: اختار واجتبى (آدم ونوحا) لنبوته (وآل