تعملونه في صدقاتكم من اخفائها وإعلانها، لا يخفى عليه شئ من ذلك، فيجازيكم على جميعه.
(ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون [272]).
الاعراب: (ما تنفقوا من خير فلأنفسكم) شرط وجزاء (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله) قيل: لفظه نفي، ومعناه النهي أي: لا تنفقوا كقوله: لا يمسه إلا المطهرون وقيل: هي جملة مفيدة بنفسها على ما قبلها، وهو خبر على ظاهره، وابتغاء نصب لأنه مفعول له. (وما تنفقوا من خير يوف إليكم) شرط كالأول، ولذلك حذف النون في الموضعين.
النزول: كان المسلمون يمتنعون عن الصدقة على غير أهل دينهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، عن ابن عباس وابن الحنفية وسعيد بن جبير. وقيل: كانت أسماء بنت أبي بكر مع رسول الله في عمرة القضاء، فجاءتها أمها فتيلة وجدتها، تسألانها وهما مشركتان، فقالت: لا أعطيكما شيئا حتى أستأذن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم "، فإنكما لستما على ديني. فاستأذنته (1) في ذلك، فأنزل الله هذه الآية، عن الكلبي.
المعنى: (ليس عليك هداهم) قيل في وجه اتصاله بما قبله وجوه أحدها: إن معناه: ليس عليك هداهم بمنع الصدقة عنهم، لتحملهم به على الإيمان، وهو نظير قوله (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، عن ابن عباس وسعيد بن جبير، وعلى هذا يكون معناه الإباحة للتصديق عليهم بصدقة التطوع وثانيها: إن معناه ليس عليك هداهم بالحمل على النفقة في وجوه البر، وسبل الخير، عن الحسن وأبي علي الجبائي، وتقديره: ليس عليك أن تهدي الناس إلى نيل الثواب والجنة، ط نما عليك أن تهديهم إلى الإيمان بان تدلهم عليه. وهذا تسلية للنبي لأنه كان يغتم بترك قبولهم منه، وامتناعهم عن الإيمان، لعلمه بما يؤول إليه أمرهم من العقاب الدائم، فسلاه الله تعالى بهذا القول وثالثها: إن المراد ليس عليك