أيها المؤمنون إلا لمن تبع دينكم وهو دين الاسلام، ولا تصدقوا بان يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الدين، فلا نبي بعد نبيكم، ولا شريعة بعد شريعتكم، إلى يوم القيامة، ولا تصدقوا بان يكون لاحد حجة عليكم عند ربكم، لان دينكم خير الأديان، وان الهدى هدى الله، وان الفضل بيد الله، فتكون الآية كلها خطابا للمؤمنين من الله تعالى عند تلبس اليهود عليهم، لئلا يزلوا. ويدل عليه ما قاله الضحاك: ان اليهود قالوا: إنا نجاح عند ربنا من خالفنا في ديننا. فبين الله تعالى أنهم هم المدحضون المغلبون، وان المؤمنين هم الغالبون.
وقوله (قل إن الفضل بيد الله) قيل: يريد به النبوة. وقيل: الحجج التي أوتيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه. وقيل: نعم الدين والدنيا. وقوله: بيد الله أي في ملكه، وهو القادر عليه، العالم بمحله. (يؤتيه من يشاء) وفي هذه دلالة على أن النبوة ليست بمستحقة وكذلك الإمامة، لان الله سبحانه علقه بالمشية. (والله واسع) الرحمة جواد. وقيل: واسع المقدور، يفعل ما يشاء (عليم) بمصالح الخلق. وقيل: يعلم حيث يجعل رسالته.
(يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) مر تفسيره في سورة البقرة في العشر التي بعد المائة. وفي هذه الآيات معجزة باهرة لنبينا إذ فيها اخبار عن سرائر القوم التي لا يعلمها إلا علام العيوب. وفيها دفع لمكائدهم، ولطف للمؤمنين في الثبات على عقائدهم.
(ومن أهل الكتاب من إن تامة بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تامة بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهو يعلمون. بلى من أوفى بعهده واتقي فإن الله يحب المتقين.
القراءة: قرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم: (يؤده) بسكون الهاء وروي نحوه عن أبي عمرو. وقرأ أبو جعفر ويعقوب بكسر الهاء مع الاختلاس، وهو الصحيح من مذهب أبي عمرو. والباقون بالكسر والاشباع.
الحجة. اما سكون الهاء فان أكثر النحويين على أنه لا يجوز. وغلط الزجاج