قال علي بن عيسى: الفحشاء المعاصي، وإنما سمي البخيل فاحشا، لأنه مسئ برده الأضياف والسؤال، قال كعب:
أخي! يا أخي! لا فاحش عند بيته، * ولا برم عند اللقاء هيوب (1) المعنى: ثم حذر تعالى من الشيطان المانع من الصدقة، فقال: (الشيطان يعدكم الفقر) بالنفقة في وجوه البر، وبانفاق الجيد من المال. وقيل: بتأدية الزكاة عليكم في أموالكم. (ويأمركم بالفحشاء) أي: بالمعاصي، وترك الطاعات.
وقيل: بالإنفاق من الردى، وسماه فحشاء لأن فيه معصية الله تعالى، فإن الغني إذا ترك الانفاق على وجه ذوي الحاجات من أقاربه وجيرانه، أدى ذلك إلى التقاطع (والله يعدكم مغفرة منه) أي: يعدكم بالإنفاق من خيار المال أن يستر عليكم، ويصفح عن عقوبتكم (وفضلا) أي: ويعدكم أن يخلف عليكم خيرا من صدقتكم، ويتفضل عليكم بالزيادة في أرزاقكم. وروي عن ابن عباس أنه قال: اثنان من الله، واثنان من الشيطان: فاللذان من الله المغفرة على المعاصي، والفضل في الرزق.
واللذان من الشيطان: الوعد بالفقر، والأمر بالفحشاء. وروي عن ابن مسعود أنه قال: للشيطان لمة، وللملك لمة. وروي مثله عن أبي عبد الله " عليه السلام "، ثم قال:
فلمة الشيطان: وعده بالفقر، وأمره بالفحشاء. ولمة الملك: أمره بالإنفاق، ونهيه عن المعصية (والله واسع) ذكرنا معناه فيما تقدم. وقيل: واسع معناه يعطي عن سعة، بمعنى أن عطيته لا تضره، ولا تنقص خزائنه (عليم) بمن يستحق العطية، ومن لا يستحقها.
(يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب [269]).
القراءة: قرأ يعقوب: (من يؤت) بكسر التاء. والباقون: بفتحها.
الحجة: من كسر التاء: فإنه أراد من يؤته الله الحكمة، ففاعل يؤت الضمير المستكن فيه، العائد إلى الله، كما هو في قوله (يؤت الحكمة) ويؤيد هذه القراءة، قراءة الأعمش: (ومن يؤته الله)، وحذف ضمير المفعول الذي هو الهاء العائد إلى