الله تعالى رسوله على سرائرهم، عن ابن عباس. وقد دل السمع على وجوب قبول التوبة إذا حصلت شرائطها، عليه إجماع الأمة (وأولئك هم الضالون) عن الحق والصواب. وقيل: الهالكون المعذبون.
(إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين [91]). اللغة: المل ء: أصله الملأ، وهو تطفيح الإناء. ومنه الملأ: الأشراف، لأنهم يملأون العين هيبة وجلالة. ومنه رجل ملئ بالأمر، وهو أملأ به من غيره.
فالملء: اسم للمقدر الذي يملأ. والملؤ: المصدر. والفدية: البدل من الشئ في إزالة الأذية، ومنه فداء الأسير، لأنه بدل في إزالة القتل، والأسر عنه. إذا كسر مد، وإذا فتح قصر، تقول: فدى لك، أو فداء لك. ويجوز قصر هذا الممدود للضرورة. والافتداء: افتعال من الفدية.
الاعراب: (ذهبا): منصوب على التمييز، وإنما استحق النصب لاشتغال العامل بالإضافة، أو ما عاقبها من النون الزائدة، فجرى ذلك مجرى الحال في اشتغال العامل بصاحبها، ومجرى المفعول في اشتغال العامل عنه بالفاعل. وقوله (ولو افتدى به) قال الفراء: هذه الواو زائدة، وغلطه الزجاج، لأن الكلام إذا أمكن حمله على فائدة، يحمل عليها، ولا يحمل على الزيادة. وقال: إذا دخلت الواو في مثل هذا كان أبلغ في التأكيد، كقولك: لا آتيك وإن أعطيتني، لأنها دخلت لتفصيل نفي القبول بعد الاجمال. ولو جعلنا الواو زائدة، لأوهم ذلك أنه لا يقبل منه ملء الأرض ذهبا في الافتداء، ويقبل في غيره.
المعنى: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار) أي: على كفرهم (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا) أي: مقدار ما يملأ الأرض من الذهب (ولو افتدى به) بذله عوضا. ومعناه: إن الكافر الذي يعتقد الكفر، وإن أظهر الإيمان، لا ينفعه الانفاق بمعنى أنه لا يوجب له الثواب. وقيل: معناه انه لا يقبل منه في الآخرة لو وجد إليه السبيل. قال قتادة: يجاء بالكافر يوم القيامة، فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا، لكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقال له: لقد سئلت أيسر من ذلك فلم تفعل! ورواه أيضا أنس عن النبي (أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من