الإخبار عن تكوينها أحياء، كقوله سبحانه: (كونوا قردة خاسئين)، وقوله: (ائتيا طوعا أو كرها) عن الطبري.
وقول من قال إنه جعل على كل جبل طيرا، ثم دعاها بعيد من الصواب والفائدة، لأنه إنما طلب بالعلم به كونه قادرا على إحياء الموتى عيانا، وليس في إتيان طائر حي إليه بالإيماء ما يدل على ذلك. وفي الكلام حذف فكأنه قال: فقطعهن، ثم اجعل على كل جبل من كل واحد منهن جزءا، فإن الله يحييهن، فإذا أحياهن فادعهن، فيكون الإيماء إليها بعد أن صارت أحياء. ففعل إبراهيم ذلك، فنظر إلى الريش يسعى بعضها إلى بعض، وكذلك العظام واللحم، ثم أتينه مشيا على أرجلهن، فتلقى كل طائر رأسه وذلك قوله (يأتينك سعيا).
وذكر عن النضر بن شميل قال: سألت الخليل بن أحمد عن قوله تعالى:
(يأتينك سعيا) هل يقال للطائر إذا طار سعى؟ فقال: لا. قلت: فما معناه؟ قال:
معناه يأتينك وأنت تسعى سعيا. (واعلم أن الله عزيز) أي: قوي لا يعجز عن شئ (حكيم) في أفعاله وأقواله. وقيل: عزيز يذل الأشياء له، ولا يمتنع عليه شئ، حكيم، أفعاله كلها حكمة وصواب. ومما يسأل في هذه الآية أن يقال: كيف أجيب إبراهيم إلى آيات الآخرة دون موسى في قوله (أرني أنظر إليك)؟ وجوابه من وجهين أحدهما: إنه سأل آية لا يصح معها بقاء التكليف من وقوع الضرورة التي لا يعترضها الشكوك بوجه، وإبراهيم إنما سأل في شئ خاص يصح معه التكليف والآخر: إن الأحوال قد تختلف، فيكون الأصلح في بعض الأحوال الإجابة، وفي بعضها المنع فيما لم يتقدم فيه إذن.
(مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم [261]).
اللغة: النبت: الحشيش وكل ما ينبت من الأرض يقال: نبت نبتا ونباتا، وأنبته الله إنباتا والينبوت: شجر الخشخاش. وأنبت الغلام: إذا راهق واستبان شعر عانته.
والسنبلة على وزن فنعلة كقولهم أسبل الزرع بمعنى سنبل: إذا صار فيه السنبل.
والأصل فيه الإسبال: وهو إرسال الستر ونحوه، فكما يسترسل الستر بالاسبال، يسترسل الزرع بالسنبل، ولأنه صار فيه حب مستور كما يستر بالاسبال. والمائة: