وإذا قيل: إن ما تقتضيه الحكمة لا بد أن يفعله فما معنى الدعاء وإجابته؟
فجوابه: إن الدعاء عبادة في نفسها يعبد الله سبحانه بها، لما في ذلك من إظهار الخضوع والانقياد (1) إليه سبحانه، وأيضا فإنه لا يمتنع أن يكون وقوع ما سأله إنما صار مصلحة بعد الدعاء، ولا يكون مصلحة قبل الدعاء. ففي الدعاء هذه الفائدة.
ويؤيد ذلك ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": " ما من مسلم دعا الله سبحانه بدعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم، إلا أعطاه الله بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل دعوته، وإما أن يؤخر له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثله. قالوا: يا رسول الله إذا نكثر؟ قال: الله أكثر ". وفي رواية أنس بن مالك: " الله أكثر وأطيب " ثلاث مرات.
وروي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: " إن العبد ليدعو الله وهو يحبه، فيقول: يا جبرائيل! لا تقض لعبدي هذا حاجته وأخرها، فإني أحب أن لا أزال أسمع صوته. وإن العبد ليدعو الله وهو يبغضه، فيقول: يا جبرائيل! إقض لعبدي هذا حاجته باخلاصه وعجلها، فإني أكره أن أسمع صوته ". وروي عن أمير المؤمنين " عليه السلام " أنه قال: ربما أخرت عن العبد إجابة الدعاء، ليكون أعظم لأجر السائل، وأجزل لإعطاء (2) الآمل.
وقيل لإبراهيم بن أدهم: ما بالنا ندعو الله سبحانه، فلا يستجيب لنا؟ فقال:
لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا بما فيه، وأكلتم نعمة الله فلم تؤدوا شكرها، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه، ووافقتموه، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس!!
(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم