كاذبا، وللمفسرين فيه قولان أحدهما: إنه المراء والسباب والاغضاب على جهة المحك (1) واللجاج، عن ابن عباس وابن مسعود والحسن والثاني: إن معناه لا جدال في أن الحج قد استدار في ذي الحجة، لأنهم كانوا ينسئون الشهور، فيقدمون ويؤخرون فربما اتفق في غيره، عن مجاهد والسدي. (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) معناه: ما تفعلوا من خير يجازكم الله العالم به، لأن الله عالم بجميع المعلومات على كل حال، إلا أنه جعل يعلمه في موضع يجازه للمبالغة في صفة العدل أي: إنه يعاملكم معاملة من يعلمه إذا ظهر منكم، فيجازي به، وذلك تأكيد أن الجزاء لا يكون إلا بالفعل دون ما يعلم أنه يكون منهم قبل أن يفعلوه.
(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) قيل فيه قولان أحدهما: إن معناه أن قوما كانوا يرمون بأزوادهم، ويتسمون بالمتوكلة، فقيل لهم: تزودوا من الطعام، ولا تلقوا كلكم على الناس، وخير الزاد مع ذلك التقوى، عن الحسن وقتادة ومجاهد والثاني:
إن معناه تزودوا من الأعمال الصالحة (فإن خير الزاد التقوى)، وذكر ذلك في أثناء أفعال الحج، لأنه أحق شئ بالاستكثار من أعمال البر فيه (واتقون) فيما أمرتكم به، ونهيتكم عنه (يا أولي الألباب) يا ذوي العقول.
(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين [198]).
اللغة: الجناج: الحرج في الدين، وهو الميل عن الطريق المستقيم.
والابتغاء: الطلب والإفاضة مأخوذة من فيض الإناء عن امتلائه، فمعنى أفضتم:
دفعتم من عرفات إلى المزدلفة عن اجتماع وكثرة، ويقال: أفاض القوم في الحديث: إذا اندفعوا فيه، وأكثروا التصرف. وأفاض الرجل إناءه: إذا صبه.
وأفاض الرجل بالقداح: إذا ضرب بها، لأنها تقع متفرقة، قال أبو ذؤيب:
وكأنهن ربابة، وكأنه * يسر، يفيض على القداح، ويصدع (2)