لا تنه عن خلق، وتأتي مثله، * عار عليك إذا فعلت عظيم أي: لا تجمع بينهما.
المعنى: ثم بين سبحانه شريعة من شرائع الاسلام، نسقا على ما تقدم من بيان الحلال والحرام، فقال. (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) أي: لا يأكل بعضكم مال بعض بالغصب والظلم والوجوه التي لا تحل، كقوله (ولا تقتلوا أنفسكم) أي ولا يقتل بعضكم بعضا. وقيل: معناه لا تأكلوا أموالكم باللهو واللعب، مثل ما يؤخذ في القمار والملاهي، لأن كل ذلك من الباطل. وروي عن أبي جعفر أنه يعني بالباطل اليمين الكاذبة، يقتطع بها الأموال. وروي عن أبي عبد الله قال: كانت قريش يقامر الرجل في أهله وماله، فنهاهم الله. والأولى حمله على الجميع، لأن الآية تحتمل الكل.
(وتدلوا بها إلى الحكام): وتلقوا بها إلى القضاة. وقيل فيه أقوال أحدها: إنه الودائع، وما لا يقوم عليه بينة، عن ابن عباس والحسن وقتادة. وثانيها: إنه مال اليتيم في يد الأوصياء، لأنهم يدفعونه إلى الحكام إذا طولبوا به، ليقطعوا بعضه، وتقوم لهم في الظاهر حجة، عن الجبائي وثالثها: إنه ما يؤخذ بشهادة الزور، عن الكلبي. والأولى أن يحمل على الجميع. (لتكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم) أي لتأكلوا طائفة من أموال الناس بالفعل الموجب للإثم، بان يحكم الحاكم بالظاهر، وكان الأمر في الباطن بخلافه، (وأنتم تعلمون) أن ذلك الفريق من المال ليس بحق لكم، وأنتم مبطلون، وهذا أشد في الزجر. وقال أبو عبد الله " عليه السلام ": علم الله أنه سيكون في هذه الأمة حكام يحكمون بخلاف الحق، فنهى الله تعالى المؤمنين أن يتحاكموا إليهم، وهم يعلمون أنهم لا يحكمون بالحق. وهذا يدل على أن الإقدام على المعصية مع العلم، أو مع التمكن من العلم، أعظم.
(يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون [189]).
القراءة: قرأ ابن كثير وابن ذكوان والكسائي: البيوت والشيوخ وأخواتهما بكسر