الناس! دينكم دينكم، فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره. إن السيئة فيه تغفر، وإن الحسنة في غيره لا تقبل.
(وما اختلف الذين أوتوا الكتاب) معناه: وما اختلف اليهود والنصارى في صدق نبوة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم "، لما كانوا يجدونه في كتبهم بنعته وصفته ووقت خروجه (إلا من بعد ما جاءهم العلم) بعد ما جاءهم العلم. ثم أخبر عن علة اختلافهم، فقال: (بغيا بينهم) أي: حسدا وتقديره: وما اختلف الذين أوتوا الكتاب بغيا بينهم، إلا من بعد ما جاءهم العلم. والعلم المذكور يجوز أن يراد به البينات التي هي طرق العلم، فيدخل فيه المبطلون من أهل الكتاب، علموا أو لم يعلموا.
ويحتمل أن يراد به نفس العلم، فلا يدخل فيه إلا من علم بصفة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " وكتمه عنادا.
وقيل: المراد بالذين أوتوا الكتاب: اليهود. والكتاب: التوراة، لما عهد موسى " عليه السلام " إليهم، وأقام فيهم يوشع بن نون، ومضى ثلاثة قرون واختلفوا، عن الربيع. وقيل: المراد بالذين أوتوا الكتاب: النصارى. والكتاب: الإنجيل، واختلفوا في أمر عيسى " عليه السلام "، عن محمد بن جعفر بن الزبير. وقيل: خرج مخرج الجنس، ومعناه كتب الله المتقدمة، واختلفوا بعدها في الدين، عن الجبائي.
(ومن يكفر بآيات الله) أي: بحججه. وقيل: بالتوراة والإنجيل، وما فيهما من صفة محمد " صلى الله عليه وآله وسلم ". وقيل: بالقرآن، وما دل عليه (فإن الله سريع الحساب) أي:
لا يفوته شئ من أعمالهم. وقيل: معناه سريع الجزاء. وحقيقة الحساب أن تأخذ ما لك، وتعطي ما عليك.
(فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأمين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد [20]).
القراءة: حذف عاصم وحمزة والكسائي الياء من (اتبعني) اجتزاء بالكسرة، واتباعا للمصحف. وأثبتها الباقون على الأصل.
الحجة: حذف الياء في أواخر الآي أحسن، لأنها تشبه القوافي، ويجوز في