النظم: وجه اتصال الآية بما قبلها أن الله تعالى أمر أهل الكتاب باتباع ملة إبراهيم، ومن ملته تعظيم بيت الله الحرام، فذكر تعالى البيت وفضله وحرمته، وما يتعلق به في قوله (إن أول بيت وضع للناس).
(قل يأهل الكتب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون (98) قل يأهل الكتب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون (99)).
اللغة: البغية: الطلب. يقال: بغيت الشئ أبغيه. قال عبد بني الحسحاس:
بغاك وما تبغيه، حتى وجدته، كأنك قد واعدته أمس موعدا أي: طلبك وما تطلبه. ويقال: إبغني بكذا بسكر الهمزة أي: اطلبه لي.
وأصله ابغ لي، فحذفت اللام لكثرة الاستعمال. وإذا قلت: أبغني بفت الهمزة فمعناه: أعني على طلبه، ومثله إحملني واحمل لي، واحلب لي واحلبني أي:
أعني على الحلبة. والعوج بفتح العين: ميل كل شئ منتصب نحو القناة والحائط.
وبكسر العين: هو الميل عن طريق الاستواء في طريق الدين، وفي القول وفي الأرض ومنه قوله: (لا ترى فيه عوجا ولا أمتا).
الاعراب: (من آمن): في موضع نصب بأنه مفعول (تصدون). والكناية في قوله (تبغونها) راجعة إلى السبيل.
المعنى: ثم عاد سبحانه الكلام إلى حجاج أهل الكتاب، فقال مخاطبا للنبي يأمره بخطاب اليهود والنصارى. وقيل: اليهود خاصة (قل يا أهل الكتاب) أي: قل يا محمد لهم: (لم تكفرون بآيات الله) أي: بالمعجزات التي أتاها محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والعلامات التي وافقت في صفته ما تقدمت البشارة به. وسماهم أهل الكتاب، وإن لم يعملوا به، ولم يجز مثل ذلك في أهل القرن، لوجهين أحدهما: إن القرآن اسم خاص لكتاب الله تعالى، وأما الكتاب فلا ينبي عن ذلك، بل يجوز أن يراد به: يا أهل الكتاب المحرف عن وجهته. والثاني: الاحتجاج عليهم بالكتاب لإقرارهم به، فكأنه قيل: يا من يقر بأنه من أهل كتاب الله! لم تكفرون بآيات الله؟ واللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به التوبيخ. وإنما جاز التوبيخ على لفظ الاستفهام، من حيث إنه