للروم. وقيل المعني به أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما سماهم تبعا، وإن كانت لهم شريعة على حدة، لأنه وجد فيهم التبعية صورة ومعنى. وأما صورة فإنه يقال: فلان يتبع فلانا إذا جاء بعده. وأما معنى فلان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كان مصدقا بعيسى وبكتابه. ويقال لمن يصدق غيره: إنه يتبعه. على أن شريعة نبينا وسائر الأنبياء متحدة في أبواب التوحيد.
فعلى هذا هو متبع له، إذ كان معتقدا اعتقاده، وقائلا بقوله. وهذا القول أوجه لان فيه ترغيبا في الاسلام، ودلالة على أن أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يكونون ظاهرين إلى يوم القيامة، ولان من دعاه إلها لا يكون في الحقيقة تابعا له. (ثم إلي مرجعكم) أي:
مصيركم (فأحكم بينكم) فأقضي بينكم (فيما كنتم فيه تختلفون) من أمر عيسى.
(فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين [56] وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين [57] ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم [58]).
القراءة: قرأ حفص ورويس عن يعقوب: (فيوفيهم) بالياء. والباقون بالنون.
الحجة: من قرأ بالنون فهو مثل (فأعذبهم) ويحسنه قوله: (ذلك نتلوه عليك من الآيات). ومن قرأ بالياء فلأن ذكر الله قد تقدم في قوله: (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك) أو صار من لفظ الخطاب إلى الغيبة كقوله: (فأولئك هم المضعفون) بعد قوله: (وما آتيتم من زكاة).
الاعراب: (نتلوه عليك): في موضع رفع بأنه خبر (ذلك). ويجوز أن يكون صلة لذلك. (ويكون ذلك) بمعنى الذي. فعلى هذا لا موضع لقوله (نتلوه) وتقديره: الذي نتلوه. وقوله: (من الآيات): في موضع رفع بأنه خبره، وأنشدوا في مثله:
عدس! ما لعباد عليك إمارة * نجوت وهذا تحملين طليق (1) تقديره: والذي تحملين طليق.