تجد كل نفس ما عملت) في الدنيا (من) طاعة و (خير محضرا) ونظيره قوله:
(ووجدوا ما عملوا حاضرا). و (علمت نفس ما أحضرت). ثم اختلف في كيفية وجود العمل محضرا فقيل: تجد صحائف الحسنات والسيئات، عن أبي مسلم وغيره، وهو اختيار القاضي. وقيل: ترى جزاء عملها من الثواب والعقاب. فأما أعمالهم فهي أعراض قد بطلت، ولا يجوز عليها الإعادة، فيستحيل أن ترى محضرة. (وما عملت من سوء) معناه: تجد كل نفس الذي عملته من معصية محضرا (تود لو أن بينها وبينه) أي: بين معصيتها (أمدا بعيدا) أي: غاية بعيدة، أي: تود أنها لم تكن فعلتها. وقيل: معناه مكانا بعيدا، عن السدي. وقيل: ما بين المشرق والمغرب، عن مقاتل (ويحذركم الله نفسه) قد مر ذكره (والله رؤوف بالعباد) أي: رحيم بهم. قال الحسن: ومن تمام رأفته بهم أن حذرهم عقابه على معاصيه.
(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم [31] قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين [32]).
اللغة: المحبة هي الإرادة إلا أنها تضاف إلى المراد تارة، وإلى متعلق المراد أخرى. تقول: أحب زيدا، وأحب إكرام زيد. ولا تقول في الإرادة ذلك، لأنك تقول: أريد إكرام زيد، ولا تقول: أريد زيدا. وإنما كان كذلك لقوة تصرف المحبة في موضع ميل الطباع الذي يجري مجرى الشهوة، فعوملت تلك المعاملة في الإضافة. ومحبة الله تعالى للعبد هي إرادة ثوابه. ومحبة العبد لله هي إرادته لطاعاته. وقالوا: أحببت فلانا فهو محبوب استغنوا به عن محب، كما استغنوا بأحببت عن حببت. وقال عنترة:
ولقد نزلت فلا تظني غيره * مني بمنزلة المحب المكرم فجاء به على الأصل. وحكى الزجاج عن الكسائي: حببت من الثلاثي.
وقوله: (ويغفر لكم) لا يجوز في القياس إدغام الراء في اللام، كما جاز إدغام اللام في الراء في: هل رأيت، لأن الراء مكررة. ولا يدغم الزائد في الناقص للإخلال به. والطاعة: اتباع الداعي فيما دعاه إليه بأمره أو إرادته، ولذلك قد يكون الانسان مطيعا للشيطان فيما يدعوه إليه، وإن لم يقصد أن يطيعه، لأنه إذا مال مع ما يجده في