المعنى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) أي: انقضت عدتهن (فلا تعضلوهن)، أي: لا تمنعوهن ظلما عن التزوج. وقيل: المراد به التخلية. وقيل:
هو خطاب للأولياء، ومنع لهم من عضلهن. وقيل: خطاب للأزواج يعني أن تطلقوهن في السر، ولا تظهروا طلاقهن كيلا يتزوجن غيرهم، فيبقين لا ممسكات إمساك الأزواج، ولا مخليات تخلية الطلاق، أو تطولوا العدة عليهن (أن ينكحن أزواجهن) أي: من رضين بهم أزواجا لهن. وقيل: الذين كانوا أزواجا لهن من قبل. (إذا تراضوا بينهم بالمعروف) أي: بما لا يكون مستنكرا في عادة ولا خلق ولا عقل. وقيل: إذا تراضى الزوجان بالنكاح الصحيح، عن السدي. وقيل: إذا تراضيا بالمهر، قليلا كان أو كثيرا.
(ذلك) إشارة إلى ما سبق من الأمر والنهي (يوعظ به) يزجر، ويخوف به (من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر) إنما خصهم بالذكر، لأنهم الذين انتفعوا به، أو لأنهم أولى بالاتعاظ به. وقيل: لأن الكافر إنما يلزمه الوعظ بعد قبوله الإيمان، واعترافه بالله تعالى. (ذلكم أزكى لكم) أي: خير لكم، وأفضل وأعظم بركة، وأحرى أن يجعلكم أزكياء (وأطهر) أي: أطهر لقلوبكم من الريبة، فإنه لعل في قلبها حبا، فإذا منعها من التزويج لم يؤمن أن يتجاوزا إلى ما حرم الله. وقيل:
أطهر لكم من الذنوب (والله يعلم) ما لكم فيه من الصلاح في العاجل والآجل.
(وأنتم لا تعلمون) وأنتم غير عالمين إلا بما أعلمكم. وليس لأحد أن يستدل بالآية على أن العقد لا يصح إلا بولي، لأنا قد بينا أن المراد بالعضل المنع. وإذا حملنا الآية على أنها خطاب للأزواج، سقط قولهم. وهذا أولى لأنه لم يجر للأولياء ذكر، كما جرى ذكر المطلقين.
(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير [233]).