من عمل صالح يقربكم إلى الله (فإن الله به عليم) يجازيكم به من غير أن يضيع منه شئ، لأنه تعالى لا يخفى عليه شئ.
النظم: ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها أن الآية الأولى فيها دعاء إلى الصبر على الجهاد في سبيل الله، وفي هذه الآية بيان لوجه النفقة في سبيل الله، وكل ذلك دعاء إلى فعل البر والطاعة.
(كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون [216]).
اللغة: الكره بالفتح: المشقة التي تحمل على النفس. والكره بالضم: المشقة حمل على النفس، أو لم يحمل. وقيل: الكره الكراهة، والكره المشقة. وقد يكره الانسان ما لا يشق عليه، وقد يشق عليه ما لا يكرهه. وقيل: الكره والكره لغتان مثل الضعف والضعف. والخير: نقيض الشر. والخير: النفع الحسن. والشر: الضرر القبيح، وهذا هو الأصل، ثم يستعملان في غير ذلك توسعا، يقال: شر يشر شرارة، وشرار النار وشررها: لهبها. وشرة الشباب: نشاطه. وتشرير اللحم أو الثوب: أن تبسطه ليجف. والأشرار: الإظهار.
الاعراب: (وهو كره لكم): فيه حذف، وتقديره: وهو ذو كره لكم. ويجوز أن يكون معناه وهو مكروه لكم، فوقع المصدر موقع المفعول ومثله: رجل رضا أي:
ذو رضا. ويجوز أن يكون بمعنى مرضي (وعسى أن تكرهوا) موضع أن تكرهوا:
رفع بأنه فاعل عسى. وعسى هذه تامة، لأنها تمت بالفاعل، ولم تحتج إلى خبر.
المعنى: هذه الآية بيان لكون الجهاد مصلحة لمن أمر به، قال سبحانه:
(كتب عليكم القتال) أي: فرض عليكم الجهاد في سبيل الله (وهو كره لكم) أي: شاق عليكم تكرهونه كراهة طباع لا على وجه السخط، وقد يكون الشئ مكروها عند الانسان في طبعه، ومن حيث تنفر نفسه عنه، وإن كان يريده، لأن الله تعالى أمره بذلك كالصوم في الصيف. وقيل: معناه أنه مكروه لكم قبل أن يكتب عليكم، لأن المؤمنين لا يكرهون ما كتب الله عليهم (وعسى ان تكرهوا شيئا):