النفس. وقيل: إنما أعادها لأنه دل بقوله ففي رحمة الله على إدخاله إياهم في الرحمة. وبقوله (هم فيها خالدون) على خلودهم فيها. وسمى الله تعالى الثواب رحمة، والرحمة نعمة يستحق بها الشكر، وكل نعمة تفضل. والوجه في ذلك أن سبب الثواب الذي هو التكليف تفضل، فيكون الثواب على هذا الوجه تفضلا.
وقيل: إنما جاز أن يكون تفضلا، لأنه بمنزلة إنجاز الوعد في أنه تفضل مستحق، لان المبتدئ به قد كان له أن لا يفعله، فلما فعله وجب عليه الوفاء به، لان الخلف قبيح، وهو مع ذلك تفضل لأنه جر إليه تفضل.
وقال بعضهم: المراد بابيضاض الوجوه إشراقها واسفارها بالسرور بنيل البغية، والظفر بالمنية، والاستبشار بما يصير إليه من الثواب، كقوله (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة)، والمراد باسودادها ظهور أثر الحزن عليها لما يصير إليه من العقاب، كقوله: (وجه يومئذ باسرة ووجوه يومئذ عليها غبرة). وفي هذا القول عدول عن حقيقة اللفظ من غير ضرورة. والأصح الأول.
(تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعلمين (108) ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور (109)).
المعنى: (تلك آيات الله) أي: تلك التي قد جرى ذكرها حجج الله وعلاماته وبيناته (نتلوها عليك بالحق) نقرأها عليك بالحق يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى أمتك ونذكرها لك، ونعرفك إياها، ونقصها عليك، (بالحق) أي: بالحكمة والصواب (وما الله يريد ظلما للعالمين) معناه: لا يظلمهم بأن يحملهم من العقاب ما لم يستحقوه، أو ينقصهم من الثواب عما استحقوه. وإنما يظلم من يظلم لجهله بقبح الظلم، أو لحاجة إليه من دفع ضرر، وجر نفع. وتعالى الله عن صفة الجهل والحاجة، وسائر صفات النقص، علوا كبيرا. وكيف يجوز أن يظلم أحدا، وهو الذي خلقهم وأنشأهم وابتدعهم، وآتاهم من النعم ما لا تسموا إليه هممهم، وعرضهم بها لما هو أعظم منها قدرا، وأجل خطرا، وهو نعيم الآخرة.
ثم ذكر سبحانه وجه غناه عن الظلم، فقال: (ولله ما في السماوات وما في الأرض) ملكا وملكا وخلقا (وإلى الله ترجع الأمور) اختلفوا في كيفية رجوع الامر إلى الله تعالى، فقيل: إن الأمور تذهب بالفناء، ثم يعيدها ا لله للمجازاة. وقيل: