الحسن وقتادة وعطا وابن زيد. فيكون النهي للكاتب والشاهد عن المضارة. فعلى هذا فمعنى المضارة أن يكتب الكاتب ما لم يمل عليه، ويشهد الشاهد بما لم يستشهد فيه، أو بأن يمتنع من إقامة الشهادة.
وقيل: الأصل فيه لا يضارر بفتح الراء الأولى، عن ابن مسعود ومجاهد، فيكون معناه: لا يكلف الكاتب الكتابة في حال عذر، ولا يتفرغ إليها، ولا يضيق الأمر على الشاهد بأن يدعى إلى إثبات الشهادة وإقامتها في حال عذر، ولا يعنف عليهما. قال الزجاج والأول أبين لقوله: (وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم) فالفاسق أشبه بغير العدل، وبمن حرف الكتاب منه بالذي دعا شاهدا ليشهد أو دعا كاتبا ليكتب، وهو مشغول. وقال غيره: معناه وإن تفعلوا مضارة الكاتب والشهيد، فإن المضارة في الكتابة والشهادة فسوق بكم أي: خروج عما أمر الله سبحانه به.
(واتقوا الله) فيما أمركم به، ونهاكم عنه (ويعلمكم الله) ما تحتاجون إليه من أمور دينكم (والله بكل شئ عليم) أي: عليم بذلك، وبكل ما سواه من المعلومات. وذكر علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره أن في البقرة خمسمائة حكم، وفي هذه الآية خاصة خمسة عشر حكما.
(* وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم [283]).
القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو: (فرهن) على وزن فعل. والباقون:
(فرهان) على وزن فغال.
الحجة: قال أبو علي: الرهن مصدر، ولما نقل فسمي به، كسر كما تكسر الأسماء. وجمع على بناءين من أبنية الجموع، وهو فعل وفعال، وكلاهما من أبنية الكثير. وقد يخفف العين من رهن كما خفف في (رسل، وكتب). ومثل رهن ورهن: سقف وسقف، وقال الأعشى:
آليت لا أعطيه من أبنائنا، * رهنا فيفسدهم كمن قد أفسدا اللغة: يقال: رهنت عند الرجل رهنا. ورهنته رهنا. وأنا أرهنه: إذا وضعته