(وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين [195]).
اللغة: الانفاق اخراج الشئ عن ملكه إلى ملك غيره، لأنه لو أخرجه إلى هلاك لم يسم إنفاقا. والإلقاء: تصيير الشئ إلى جهة السفل، وقد يقال ألقى عليه مسألة مجازا كما يقال: طرح عليه مسألة. وقد يقال لكل من أخذ في عمل: ألقى يديه إليه. وفيه قال لبيد:
حتى إذا ألقت يدا في كافر، * وأجن (1) عورات الثغور ظلامها يعني الشمس أي: بدأت في المغيب. التهلكة والهلاك واحد. وقيل:
التهلكة مصدر بمعنى الهلاك، وليس في كلام العرب مصدر على تفعلة بضم العين إلا هذا. وقيل: التهلكة كل ما يصير عاقبته إلى الهلاك، وأصل الهلاك: الضياع، وهو مصير الشئ بحيث لا يدرى أين هو، ومنه يقال للكافر هالك، وللميت هالك، وللمعذب: هالك. والهلوك: الفاجرة. والهالكي: الحداد، وأصله أن بني الهالك بن عمرو كانوا قيونا (2)، فنسب إليه كل قين. والإحسان: هو ايصال النفع الحسن إلى الغير، وليس المحسن من فعل الفعل الحسن، لأن مستوفي الدين لا يسمى محسنا، وإن كان فعله حسنا. ولا يقال إن القديم تعالى بفعل العقاب محسن، وإن كان العقاب حسنا، وإنما اعتبرنا النفع الحسن لأن من أوصل نفعا قبيحا إلى غيره لا يقال إنه محسن إليه.
الاعراب: الباء في قوله تعالى: (بأيديكم) زائدة، كما يقال جذبت الثوب وبالثوب، وعلمته وعلمت به. وقال الشاعر:
ولقد ملأت على نصيب (3) جلده * بمساءة إن الصديق يعاتب أي: ملأت جلده مساءة. وقيل: ليست الباء بزائدة ولكنها على أصل الكلام من وجهين أحدهما: إن كل فعل متعد إذا كني عنه، أو قدر على المصدر، دخلته الباء. تقول: ضربته، ثم تكني عنه فتقول: فعلت به. ويقال: أوقعت الضرب