تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٠
(وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب [199]).
اللغة: أصل الخشوع: السهولة من قولهم الخشعة: وهي السهولة في الرمل، كالربوة. والخاشع من الأرض: الذي لا يهتدى له، لأن الرمل يعفي آثاره.
والخاشع: الخاضع ببصره. والخشوع هو التذلل خلاف التصعب.
الاعراب: (خاشعين): نصب على الحال من الضمير في (يؤمن)، وهو عائد إلى (من). وقيل: هو حال من الضمير في (أنزل إليهم) المجرور بإلى.
والأول أحسن.
النزول: اختلفوا في نزولها فقيل: نزلت في النجاشي ملك الحبشة، واسمه أصحمة وهو بالعربية عطية. وذلك أنه لما مات نعاه جبرائيل لرسول الله في اليوم الذي مات فيه، فقال رسول الله: أخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم. قالوا:
ومن؟ قال: النجاشي. فخرج رسول الله إلى البقيع، وكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة، فأبصر سرير النجاشي، وصلى عليه. فقال المنافقون: أنظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني حبشي لم يره قط، وليس على دينه! فأنزل الله هذه الآية، عن جابر بن عبد الله، وابن عباس، وأنس، وقتادة. وقيل: نزلت في أربعين رجلا من أهل نجران، من بني الحرث بن كعب، واثنين وثلاثين من أرض الحبشة، وثمانية من الروم، كانوا على دين عيسى، فآمنوا بالنبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، عن عطاء. وقيل:
نزلت في جماعة من اليهود، كانوا أسلموا منهم: عبد الله بن سلام ومن معه، عن ابن جريج وابن زيد وابن إسحاق. وقيل: نزلت في مؤمني أهل الكتاب كلهم، لأن الآية قد تنزل على سبب، وتكون عامة في كل ما يتناوله، عن مجاهد.
المعنى: لما ذم تعالى أهل الكتاب فيما تقدم، وصف طائفة منهم بالإيمان، وإظهار الحق والصدق فقال: (وإن من أهل الكتاب) أي: من اليهود والنصارى (لمن يؤمن بالله) أي: يصدق بالله، ويقر بوحدانيته (و) ب‍ (ما أنزل إليكم) أيها المؤمنون وهو القرآن. (وما أنزل إليهم) وهو التوراة والإنجيل (خاشعين لله) أي:
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 » »»
الفهرست